على الصخر من جزيرة سهيل ـ جنوبي أسوان ، ولئن كان الخبر منسوبا إلى أيام الملك «زوسر» من الأسرة الثالثة فالذي لا شك فيه إنما نقش بعده بعشرين قرنا من الزمان ، نقشه كهان «خنوم» على عهد البطالة ، ربما عام ١٨٧ ق. م. على أيام بطليموس الخامس ، وربما بطليموس العاشر في أكبر الظن ، أي في الفترة (١٠٧ ـ ٨٨ ق. م.) ، وغير بعيد أن يكون النص صوتا من واقع بعيد ، يرجع إلى أيام الصديق ، وأن كهان خنوم حين كتبوه على عهد بطليموس الخامس أو العاشر ، إنما كانوا تحت تأثير ما كان يومئذ من أصداء الماضي السحيق ، وبما ورد في التوراة من أصداء السنين السبع الشداد التي جرت بها ألسنة من كان بمصر يومئذ من يهود ، بخاصة وأن الترجمة السبعينية (١) للتوراة كانت قد تمت بمصر على أيام بطليموس الثاني (٢٨٤ ـ ٢٤٦ ق. م) ، وأن هناك جالية من يهود إنما كانت تقيم في اليفانتين (جزيرة أسوان) (٢) وتطل من حيث الموقع على جزيرة سهيل حيث نقش نص المجاعة (٣).
وعلى أية حال وأيا ما كانت ظروف هذه المجاعات التي كانت بسبب عدم فيضان النيل ، فإن المجاعة التي كانت ستحدث على أيام الصديق في عهد
__________________
ـ التي بدأت عام ٤٥٧ م ، واستمرت سبع سنين متصلة في أخريات أيام الفاطميين ، وبلغ من قسوتها أن أكل الناس القطط والكلاب ، ثم الجيف ، ثم أكلوا بعضهم بعضا ، حتى انتهت بفناء رهيب للسكان ، لا يملك قارئ البغدادي إلا أن يتصوره فناء كاملا أو شبه كامل (أنظر : جمال حمدان : المرجع السابق ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، محمد حمدي المناوي : مصر في ظل الإسلام ١ / ١٧١ ـ ١٧٥ ، الكندي : كتاب الولاة وكتاب القضاة ص ٥٩ (بيروت ١٩٠٨) ، السيوطي : حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ٢ / ١٥٤.
(١) انظر : عن الترجمة السبعينية للتوراة (محمد بيومي مهران : إسرائيل ٣ / ١٠٧ ـ ١١٢).
(٢) أنظر : عن الجالية اليهودية في أسوان (محمد بيومي مهران : إسرائيل ٢ / ١٠٧٦ ـ ١١٠٢).
(٣) أنظر : عن نقش المجاعة على جزيرة سهيل : محمد بيومي مهران : مصر ١ / ٣٦٣ ـ ٣٦٦ ، إسرائيل ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ، وكذا
P. Barguet, La Stele de La Famine a Sahel, Cairo,
١٩٥٣ وكذاJ.A.Wilson ,ANET , ٣٢ ـ ٣١.p ، ١٩٦٦ وكذاJ.Vandier ,op ـ cit ,P. ١٣٩ ـ ١٣٢