بسم الله الرّحمن الرّحيم
صلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وسلّم
الحمد لله الذي لم يستفتح بأفضل من اسمه كلام ، ولم يستنجح بأجمل من صنعه مرام ، جاعل الحمد مفتح قرآنه ، وآخر دعوى أهل جنانه. أحمده سبحانه ، على أن جعلنا خير أمّة ، وأنطقنا بلسان أهل الجنّة ؛ حمدا يؤنس وحشيّ النّعم من الزّوال ، ويحرسها من التغيّر والانتقال. والصلاة على خير من افتتحت بذكره الدعوات ، واستنجحت بالصلاة عليه الطلبات ، محمد نبيّ الله وخيرته من خلقه ، وحجّته في أرضه ، الصّادع بالرّسالة ، والمبالغ في الدّلالة ، وعلى آله الطّيّبين الأخيار ، الطاهرين الأبرار ، الذين أذهب عنهم الأرجاس ، وطهّرهم من الأدناس ، وجعل مودّتهم أجرا له على الناس.
وبعد :
فإنّي لمّا رأيت النحويّين قد هابوا لغموضه ، علم التّصريف. فتركوا التّأليف فيه والتّصنيف ، إلّا القليل منهم فإنّهم قد وضعوا فيه ما لا يبرد غليلا ، ولا يحصّل لطالبه مأمولا ، لاختلال ترتيبه ، وتداخل تبويبه ، وضعت في ذلك كتابا رفعت فيه من علم التصريف شرائعه ، وملّكته عاصيه وطائعه ، وذلّلته للفهم بحسن التّرتيب ، وكثرة التّهذيب لألفاظه والتّقريب ، حتّى صار معناه إلى القلب أسرع من لفظه إلى السّمع. فلمّا أتيت به عليّ القدح ، ممتنعا عن القدح ، مشبها للرّوض في وشي ألوانه ، وتعمّم أفنانه ، وإشراق أنواره ، وابتهاج أنجاده وأغواره ، والعقد في التئام وصوله ، وانتظام فصوله ، سمّيته بـ : «الممتع» ، ليكون اسمه وفق معناه ، ومترجما عن فحواه ، ووسمته باسم من إن ذكرت العلوم فهو مالك عنانها ، وفارس ميدانها ، أو ذكرت السّماحة فهو تاريخها وعنوانها ، وحدقتها وإنسانها ، أو عدّ المجد الموروث والمكتسب فناهيك به شرفا سابقا ، وبأوائله فخرا في فلك المجد سامقا ، الذي بذل جدّه في نصر هذه الدعوة النبويّة ، ولم يأل جهده في عضد هذه الدولة المتوكليّة ، أدام الله للمسلمين بركتها ، فريد دهره ، ووحيد عصره ، أبو بكر بن الشيخ الأكرم ، العالم العلم ، بي الأصبغ بن صاحب الرّدّ ، أدام الله علاءهم ، وأنار بنجوم السعد سماءهم.