ذلك على أنّ همزتها أصليّة ، ويكون وزنها «فعّلة» ، لأنّ «فعّلة» في الصفات موجود نحو «رجل دنّبة» (١). وأيضا فإنك لو جعلت همزة «إمّعة» زائدة لكانت إحدى الميمين منه فاء ، والأخرى عين ، فيكون من باب «ددن» (٢) ، وهو قليل جدّا ، أعني أن تكون الفاء والعين من جنس واحد. فلمّا كان جعل الهمزة زائدة يؤدّي إلى الدخول في هذا الباب القليل ، وإلى إثبات مثال في الصفات لم يستقرّ فيها ، قضي بأصالة الهمزة.
وأمّا «أرطى» فالدليل على أصالة الهمزة قولهم «أديم مأروط» أي : مدبوغ بالأرطى. فإثبات الهمزة في «مأروط» ، وحذف الألف ، دليل على أصالة الهمزة وزيادة الألف. وحكى أبو عمر الجرميّ «أديم مرطيّ». فالهمزة ـ على هذا ـ زائدة ، والألف أصل.
وأما «أولق» فالذي يدلّ على أصالة الهمزة فيه ، وزيادة الواو ، قولهم «ألق الرّجل» إذا أصابه الأولق. فقولهم «ألق» بإثبات الهمزة ، وحذف الواو ، دليل على أصالة الهمزة وزياد الواو.
فإن قيل : فلعلّ هذه الهمزة بدل من الواو ، والأصل «ولق» ، نحو قولهم في «وعد الرّجل» «أعد»؟.
فالجواب : أنه كان من قبيل «أعد» لقالوا «ولق» كما يقولون «وعد». فالتزامهم الهمزة في «ألق» دليل على أنها أصل. وأيضا فإنهم قالوا «رجل مألوق» ، ولو كانت الهمزة زائدة لقالوا «مولوق» بالواو. ولا يتصوّر أن تقدّر الهمزة في «مألوق» بدلا من الواو ، لأنّ مثل هذه الواو لا تقلب همزة. وسيبيّن ذلك في البدل.
وزعم الفارسيّ أنّ «أولقا» يحتمل ضربين من الوزن : أحدهما : ما قدّمناه من أنه «فوعل» وهمزته أصل ، من «تألّق البرق». والآخر : أنه «أفعل» وهمزته زائدة ، من «ولق» إذا أسرع ، لأنّ «الأولق» : الجنون ، وهي توصف بالسرعة.
فإن قيل : فكيف أجاز ذلك ، مع قولهم «ألق» و «مألوق»؟.
فالجواب : أنه يجعل الهمزة منهما بدلا من الواو ، والأصل «ولق» و «مولوق». ويجعل هذا من قبيل البدل اللّازم ، فتكون الواو من «ولق» لمّا أبدلت همزة لانضمامها أجريت هذه الهمزة مجرى الأصليّة ، فقالوا «مألوق». فيكون ذلك نظير قولهم «عيد»
__________________
(١) الدنبة : القصير ، الصحاح للجوهري ، مادة (دنب).
(٢) الددن : اللهو واللعب ، لسان العرب ، مادة (ددن).