فإن قيل : وفي جعلها أيضا أصلا خروج عمّا استقرّ لها ، من أنها لا تكون أصلا ، إلّا في باب «ضوضيت»؟.
فالجواب : أنه قد تقدّم أنه متى كان في الكلمة وجهان شاذّان ، أحدهما يؤدّي إلى أصالة الحرف ، والآخر يؤدّي إلى زيادته ، كانت الأصالة أولى. وأيضا فإن الواو قد جاءت أصلا في ضرب من بنات الأربعة ، وهو المضاعف ، ولم تزد أوّلا في موضع من المواضع. وأيضا فإنّ جعلها زائدة يؤدّي إلى بناء غير موجود ، وهو «وفنعل». وجعلها أصليّة يؤدّي إلى بناء موجود ، وهو «فعنلل» نحو «جحنفل» (١).
فإن قال قائل : إنكم استدللتم على أن «ضوضيت» وبابه من بنات الأربعة ، بقولهم «ضوضاء» و «غوغاء» ؛ لأنه لم يوجد مثل «فعلاء» في كلامهم ، ولا دليل في ذلك ، لاحتمال أن تكون الواو زائدة ، ويكون وزن الكلمة «فوعالا» كـ «توارب» (٢)؟.
فالجواب : أنه لو كان «فوعالا» لكان من باب «ددن» ، أعني مما فاؤه وعينه من جنس واحد ، وذلك قليل جدّا ، وباب «ضوضاء» و «غوغاء» و «ضوضيت» و «غوغيت» كثير ، ولا يتصوّر حمل ما جاء كثيرا على باب لم يجىء منه إلّا اليسير. وأيضا فإنّ «فوعالا» كـ «توارب» قليل جدّا. وإذا كانت الواو أصلا كان وزن الكلمة «فعلالا» كـ «صلصال» و «قلقال» ، وذلك بناء موجود في المضعّف كثيرا. فحمله على ذلك أولى.
* * *
__________________
(١) الجحنفل : العظيم الشفة ، المزهر للسيوطي ١ / ٢٠٥.
(٢) التوارب : التراب ، الكتاب لسيبويه لابن قنبر ١ / ٣٩٧.