ذلك مانع. فإذا صغّرت «همّرشا» على هذا القول ، أو كسّرته ، قلت «هميرش» و «همارش» ، فتحذف إحدى الميمين ، لأنها زائدة.
وأمّا أبو الحسن فزعم أنّ «همّرشا» حروفه كلّها أصول ، وأنّ الأصل «هنمرش» بمنزلة «جحمرش» ، ثن أدغمت النون في الميم. وجاز الإدغام عنده لعدم اللّبس ، وذلك أنّ البنية ـ أعني «فعلللا» ـ لم توجد في موضع من المواضع ، قد لحقتها زوائد للإلحاق. فيعلم بذلك أنّ «همّرشا» في الأصل «هنمرش». إذ لو لم يحمل على ذلك ، وجعل من إدغام المثلين ، لكان أحد المثلين زائدا فيكون ذلك كسرا لما ثبت في هذه البنية واستقرّ ، من أنها لا تلحقها الزوائد للإلحاق. فتقول ـ على هذا ـ في تصغير «همّرش» وتكسيره : «هنيمر» و «هنامر» ، فتردّ النون إلى أصلها ، لمّا زال الإدغام ، وتحذف الآخر ، لأنّ حروف الكلمة كلّها أصول.
وهذا الذي ذهب إليه فاسد ، لأنه مبنيّ على أنّ هذه البنية لم تلحقها زيادة للإلحاق ، في موضع. وقد وجد هذا الذي أنكر ، قالوا «جرو نخورش» أي : إذا كبرخرش ؛ لا ترى أنّ الواو زائدة ، وأنّ الاسم ملحق بـ «جحمرش». فإذا تقرّر أنّ هذه البنية قد لحقتها الزوائد للإلحاق وجب القضاء على إدغام «همّرش» ، بأنه من قبيل إدغام المثلين.
فإذا كان الإدغام من جنس إدغام المتقاربين فالذي ينبغي أن يحكم به على الحرفين المتقاربين الأصالة ، إلّا أن يقوم دليل من الأدلة المتقدمة على الزيادة.
وإذا كان الإدغام من جنس إدغام المثلين فلا يخلو من أن يكون اللفظ من ذوات الثلاثة ، أو من ذوات الأربعة ، أو من ذوات الخمسة.
فإن كان من ذوات الثلاثة قضي على المثلين بالأصالة ، إذ لا بد من الفاء والعين واللام ، نحو «ردّ» و «فرّ».
وإن كان من ذوات الأربعة فإنه لا يخلو أن يكون المضعّف بين الفاء واللّام نحو «ضرّب» ، أو في الطرف بعد العين نحو «قردد» ، أو غير ذلك. فإن كان المضاعف على ما ذكرنا كان أحد المثلين زائدا. وذلك أنّ كلّ ما له اشتقاق من ذلك يوجد أحد المثلين منه زائدا ، نحو «ضرّب» ، فإنه من الضّرب ، و «قعدد» (١) فإنه من القعود. فحمل ما ليس له اشتقاق نحو «سلّم» و «قنّب» على أنّ أحد المثلين منه زائد.
__________________
(١) القعدد : القاعد عن الحرب والمكارم ، لسان العرب ، مادة (قعد).