بلفظها ، لأنها زائدة ، وجعلت في مقابلة القاف الزائدة العين ، ولم تزنها بلفظها ، لأنها تكرّرت من لفظ العين ، فكرّرتها في المثال من لفظ العين ، حتى يوافق المثال الممثّل.
فإن قيل : وما الفائدة في وزن الكلمة بالفعل؟.
فالجواب : أنّ المراد بذلك الإعلام بمعرفة الزائد من الأصليّ ، على طريق الاختصار ؛ ألا ترى أنك إذا وزنت «أحمد» بـ «أفعل» غني ذلك عن قولك : الهمزة من «أحمد» زائدة ، وسائر حروفه أصول. وكان أخصر منه.
فإن قيل : فلم كنوا عن الأصول بالفاء والعين واللام؟.
فالجواب : أنّ الذي حملهم على ذلك أنّ حروف ال «الفعل» أصول ، فجعلوها لذلك في مقابلة الأصول.
فإن قيل : فهلّا كنوا عن الأصول بغير ذلك من الألفاظ التي حروفها أصول ، كـ «ضرب» مثلا ؛ ألا ترى أنّ الضاد والراء والباء أصول؟.
فالجواب : أنهم لمّا أرادوا أن يكنوا عن الأصول كنوا بما من عادة العرب أن تكني به ، وهو «الفعل» ؛ ألا ترى أنّ القائل يقول لك : هل ضربت زيدا؟ فتقول : فعلت. وتكني بقولك «فعلت» عن الضرب.
وزعم أهل الكوفة أنّ نهاية الأصول ثلاثة ، فجعلوا الراء من «جعفر» زائدة ، والجيم واللّام من «سفرجل» زائدتين. وجعلوا وزن «جعفر» من الفعل «فعللا» ، ووزن «سفرجل» : «فعلّلا» كما فعلناه نحن. وأمّا الكسائيّ منهم فجعل الزيادة من «جعفر» وأشباهه ما قبل الآخر. وكان الذي حملهم على أن رأوا المثال يلزم ذلك فيه ؛ ألا ترى أنّ إحدى اللّامين من «فعلل» زائدة. وكذلك «فعلّل» اللّامان من هذه الثلاثة زائدتان. هكذا قياس كل مضعّف. أعني أن يحكم على أحد المثلين ، أو الأمثال ، بالأصالة ، وعلى ما عداه بالزيادة. فلمّا رأى ذلك لازما في المثال قضى على الممثّل بمثل ما يلزم في المثال.
وذلك فاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لا يحكم بزيادة حرف إلّا بدليل ، من الأدلّة المتقدّمة الذكر ، أعني الاشتقاق والتصريف وأخواتهما. ولا شيء من ذلك موجود في «جعفر» ، ولا «سفرجل». فالقضاء بالزيادة فيهما تحكّم محض.
والآخر : أنّ قياس المثال أن يبقى الزائد فيه بلفظه ، إذا لم يكن من لفظ الأصل.