يريد «فادهامّت».
وقد كاد يتسع هذا عندهم ، إلّا أنه مع ذلك لم يكثر كثرة توجب القياس. قال أبو العباس : قلت لأبي عثمان : أتقيس هذا النحو؟ قال «لا ، ولا أقبله». بل ينقاس ذلك عندي ، في ضرورة الشعر. ومن هذا القبيل جعل ابن جنّي قول الراجز :
من أيّ يوميّ من الموت أفر |
|
أيوم لم يقدر أم يوم قدر (١)؟ |
وذلك أنّ الأصل «أيوم لم يقدر أم يوم» ، فأبدلت الهمزة ألفا ، وإن كان قبلها ساكن ، على حدّ قولهم في المرأة «المراة» ، و «متأر» «متار». قال :
إذا اجتمعوا عليّ ، وأشقذوني |
|
فصرت كأنّني فرأ ، متار (٢) |
وذلك بأن ألقوا حركة الهمزة على الساكن ، ولم يحذفوا الهمزة ، بل جاءت ساكنة بعد الفتحة ، فأبدلت ألفا ، كما فعل ذلك بـ : «كاس» ، فصار «يقدرام» ، فاجتمعت الألف مع الميم الساكنة ، فأبدلت همزة مفتوحة فرارا من اجتماع الساكنين. وقد تقدّم في «الضرائر» أنه ممّا حذف منه النون الخفيفة ، نحو قول الآخر :
اضرب عنك الهموم ، طارقها |
|
ضربك بالسّوط قونس الفرس (٣) |
وأبدلت أيضا من الألف ، وإن لم يكن بعدها ساكن. وذلك قليل جدّا لا يقاس ، لقلّته ، في الكلام ، ولا في الضرورة. فقد روي أنّ العجاج يهمز «العالم» و «الخاتم». قال :
*يا دار سلمى ، يا اسلمي ، ثمّ اسلمي (٤)
ثم قال :
__________________
(١) الرجز ، للإمام علي بن أبي طالب ، في ديوانه ص ٧٩ ، وحماسة البختري ص ٣٧ ، وللحارث بن منذر الجرمي في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٧٤ ، وبلا نسبة في الخصائص لابن جني ٣ / ٩٤ ، ولسان العرب ، مادة (قدر).
(٢) البيت من البحر الوافر ، وهو لعامر بن كثير المحاربي في لسان العرب مادة (قدر) ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ١٧٦ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ١ / ٧٨.
(٣) البيت من البحر المنسرح ، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص ١٥٥ ، وخزانة الأدب للبغدادي ١١ / ٤٥٠ ، والدرر ٥ / ١٧٤ ، ولسان العرب ، مادة (قنس) ، ونوادر أبي زيد ص ١٣.
(٤) الرجز ، للعجاج في ديوانه ١ / ٤٤٢ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٤٥ ، والإنصاف ١ / ١٠٢ ، وجمهرة اللغة لابن دريد ص ٢٠٤ ، والخصائص لابن جني ٢ / ١٩٦ ، ولسان العرب ، مادة (سمم) ، ولرؤبة في ملحق ديوانه ص ١٨٣ ، وبلا نسبة في الخصائص لابن جني ٢ / ٢٧٩ ، ولسان العرب ، مادة (علم).