الواو والياء إذا اجتمعتا في أوّل الكلمة لم يوجب ذلك قلب الواو همزة فكذلك الواو مكسورة؟.
فالجواب : أنّ الواو المكسورة إنما تشبه الواو الساكنة إذا جاءت بعدها ياء نحو «طيّ» ، وذلك أنّ الحركة في النيّة بعد الحرف. وسيقام الدليل على ذلك في موضعه. فالكسرة إذا من «وشاح» في النيّة بعد الواو ، وهي بمنزلة الياء ، وتبقى الواو ساكنة. فكما أنه إذا كانت الواو قبل الياء ، وكانت ساكنة ، يجب إعلالها نحو «طيّ» فكذلك يجب إعلال ما أشبهها. نحو «وشاح».
فإن قيل : فهلّا أعّلت بقلبها ياء ، كما فعل بها في «طيّ»؟.
فالجواب : أنهم لم يفعلوا ذلك ، لأنّ المقصود بالإعلال التخفيف ، والكسرة في الياء ثقيلة ، فأعلّت بإبدال الهمزة منها.
وأمّا السماع فلأنهم قد قالوا «إسادة» و «إشاح» و «إعاء» و «إفادة». وكثر ذلك كثرة ، توجب القياس في كل واو مكسورة ، وقعت أوّلا.
وإن كانت مفتوحة لم تهمز ، إلّا حيث سمع ، لأنّ الفتحة بمنزلة الألف. فكما لا تستثقل الألف والواو ، في نحو «عاود» وأمثاله ، فكذلك لا تستثقل الواو المفتوحة. والذي سمع من ذلك «أجم» في «وجم» ، و «امرأة أناة» وأصله «وناة» من الونيّ وهو الفتور ، و «أحد» في «وحد» ، و «أسماء» في «وسماء».
فإن وقعت غير أول فلا يخلو من أن تكون مكسورة ، أو مفتوحة ، أو مضمومة. فإن كانت مضمومة جاز إبدالها همزة ، بشرط أن تكون الضمة لازمة ، وألّا يمكن تخفيفها بالإسكان. قالوا في جمع «نار» : «أنؤر» ، و «دار» : «أدؤر» ، و «ثوب» : «أثؤب» ، قال :
*لكلّ حال ، قد لبست أثؤبا (١)*
وإنما قلبت همزة لما ذكرنا من استثقال الضمّة في الواو ، مع أنه لا يمكن تخفيفها بالإسكان ، لئلّا يؤدّي ذلك إلى التقاء الساكنين. ولو أمكن ذلك لم تبدل همزة ، نحو قولهم «سور» في جمع «سوار».
فإن كان الضمّة غير لازمة لم تبدل الواو همزة ، لا تقول هذا «غزء» تريد هذا «غزو» ،
__________________
(١) الرجز ، لمعروف بن عبد الرحمن في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٩٠ ، ولسان العرب ، مادة (ثوب).