أراد «هما خطّتان». ومما يعزى إلى كلام البهائم قول الحجلة للقطا : «قطا قطا ، بيضك ثنتا ، ويضي مائتا» أي «ثنتان ومائتان». وقول الآخر :
لنا أعنز لبن ثلاث ، فبعضها |
|
لأولادها ثنتا ، وما بيننا عنز (١) |
والأوّل أولى ، لأنّ له نظائر كثيرة من الاعتداد بالعارض ، في الكلام وحذف نون الاثنين للضرورة قليل جدّا.
فإن أسند شيء من هذه الأفعال إلى ضمير رفع فلا يخلو أن يكون المسند ما في آخره ألف ، أو ما في آخره ياء ، أو واو :
فإن كان ما في آخره ألف فإنه إن أسند إلى ضمير غائب مفرد بقي على ما كان عليه قبل الإسناد ، نحو «زيد غزا» و «عمرو ورمى». وإن أسند إلى ضمير غائبين ردّت الألف إلى أصلها ، نحو «غزوا» و «رميا» ، ولم تحذف لالتقاء الساكنين ، لئلا يلتبس فعل الاثنين بفعل الواحد. وإن أسند إلى ضمير غائبين حذفت لالتقاء الساكنين وعدم اللّبس ، نحو «غزوا» و «رموا». وإن أسند إلى ضمير غائبات ردّت الألف إلى أصلها ، ولم تعتلّ ، نحو «غزون» و «رمين» ، لأنّ ما قبل نون جماعة المؤنّث ساكن أبدا ، وحرف العلّة إذا سكن وانفتح ما قبله لم يعتلّ إلّا في «يوجل» خاصّة. وإن أسند إلى ضمير متكلّم أو مخاطب ، كائنا ما كان ، رددت الألف إلى أصلها من الياء أو الواو ، نحو «رميت» و «غزوت» ، و «رميتما» و «غزوتما» ، و «رميتم» و «غزوتم» ، و «رميتن» و «غزوتنّ» ، و «رمينا» و «غزونا» ، لأنّ ما قبل ضمير المتكلم أو المخاطب أبدا ساكن أيضا.
وإن كان ما في آخره ياء أو واو ، فإنه إن أسند إلى ضمير غائب أو مخاطب أو متكلّم بقي على حاله لا يتغيّر ، نحو «رضي» و «سرو» ، و «رضيا» و «سروا» ، و «رضين» و «سرون» ، و «رضيت» و «سبروت» ، و «رضيتما» و «سروتما» و «رضيتم» و «سروتم». و «رضيتن» و «سروتنّ» ، و «رضينا» و «سرونا». إذ لا موجب لتغييرها عن حالها ، إلّا أن يكون الضمير ضمير جماعة مذكّرين غائبين ، فإنك تحذف الواو والياء ، وتضمّ ما قبل واو الجمع ، نحو «رضوا» و «سروا». وسبب ذلك أنّ الواو يتحرّك ما قبلها أبدا بالضمّ نحو «ضربوا» فلو قلت «رضيوا» و «سرووا» لاستثقلت الضمّة في الياء والواو ، لتحرّك ما قبلهما ، فيجب حذفها
__________________
(١) البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب للبغدادي ٧ / ٥٨٩ ، والخصائص لابن جني ٢ / ٤٣٠ ، وسر صناعة الإعراب لابن جني ٢ / ٤٨٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ١٥٩.