وإن كانت الحركة بناء فلا يخلو من أن تكون متطرّفة ، أو غير متطرّفة ، فإن كانت متطرّفة جاز الإظهار والإدغام نحو «أحيي وأحيّ» و «حيي وحيّ» و «حيي وحيّ» ، ومن قال «بيع» قال «حيّ» ، وهو الأكثر لأنه أخفّ. وقد قرأ بعض القرّاء (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال : ٤٢] وبعضهم (وَيَحْيى مَنْ حَيَ) بالإدغام. فمن أدغم فلأنّ الحركة لازمة ، ومن أظهر فلأنّ هذه الياء من «حيي» هي الياء الساكنة في «يحيا» التي قلبت ألفا. وكذلك الياء في «أحيي» هي الياء في «يحيا» التي قلبت ألفا. فلمّا كانت هذه الياء في موضع قد تسكن لم يعتدّ بحركتها. ومن قال «حيّ» و «عيّ» أجراهما مجرى «ردّ» ، فكما تقول «ردّوا» كذلك تقول «حيّوا» و «عيّوا». قال :
عيّوا بأمرهم كما |
|
عيّيت ببيضتها الحمامه (١) |
ومن قال «حيي» أجراه مجرى «رضي» ، فكما تقول «رضوا» تقول «حيوا». قال :
وكنّا حسبناهم فوارس كهمس |
|
حيوا ، بعد ما ماتوا ، من الدّهر أعصرا (٢) |
فإن لم تكن متطرّفة فلا يخلو أن يكون بعدها علامتا التثنية ، أو علامتا الجمع ، أو تاء التأنيث. فإن كان بعدها علامتا التثنية أو علامتا الجمع لم يجز إلّا الإظهار ، وذلك نحو «محييان» و «حييان» و «محييات». والسبب في ذلك أنّ زيادتي الجمع إنما دخلت على الإفراد ، فلما كان المفرد لو لم يلحقه شيء لا يجوز فيه الإدغام ، لأنّ الحركة إعراب ، حملت التثنية والجمع عليه.
فإن كان بعدها تاء التأنيث فلا يخلو أن تلحق التاء لفظ المفرد ، أو بناء الجمع. فإن لحقت بناء الجمع ، نحو «حياء وأحيية» و «عييّ وأعيية» ، جاز الإظهار والإدغام نحو «أحيّة» و «أعيّة». فمن أدغم فلأنّ الحركة بناء ، ولم تدخل على بناء قد امتنع فيه الإدغام قبل لحاقها. ومن أظهر فلأنّ هذه الياء هي التي تسكن في «يعيا» و «يحيا». والإدغام في «أعيّة»
__________________
(١) البيت من مجزوء الكامل ، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص ١٣٨ ، وأدب الكاتب لابن قتيبة ص ٦٨ ، والحيوان للجاحظ ٣ / ١٨٩ ، وشرح أبيات سيبويه للسيرافي ٢ / ٤٣٠ ، وشرح شواهد الإيضاح للفارسي ص ٦٣٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش ١٠ / ١١٥ ، وعيون الأخبار لابن قتيبة ٢ / ٨٥ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (حيا ـ عيا) ، ولابن مفرع الحميري في ملحق ديوانه ص ٢٤٤ ، ولسلامة بن جندل في ملحق ديوانه ص ٢٤٦.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو لمودود بن العنبري في شرح أبيات سيبويه للسيرافي ٢ / ٣٣٤ ، ولأبي حزابة الوليد بن حنيفة في شرح شواهد الإيضاح للفارسي ص ٦٣٤ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٦٢ ، ولسان العرب لابن منظور ، مادة (حيا).