أقوى منه في «أحيّة» ، لأنّ الياء في «أعيية» تلزمها الحركة في الجمع والمفرد نحو «عييّ». وأما «أحيية» فالحركة تلزم في الجمع. وأما في المفرد فلا تثبت الياء ، بل تقول «حياء» ، فتنقلب الياء همزة ، لتطرّفها بعد ألف زائدة.
فإن لحقت المفرد فلا يخلو من أن تكون عوضا من محذوف ، أو غير عوض. فإن لم تكن عوضا لم يجز إلّا الإظهار ، نحو «محيية» و «معيية». والعلّة في ذلك كالعلّة في «محييات» و «محيين» ، من أنّ العلامة دخلت على بناء لا يجوز فيها الإدغام ، وهو «محي» و «معي».
فإن كانت التاء عوضا فإنه لا يجوز إلّا الإدغام نحو «تحيّة» مصدر «حيّا» الأصل «تحيييا» فحذفت ياء «تفعيل» ، وعوّضت التاء منها على حدّ «تكرمة» فصار «تحيية» ، فصارت هذه التاء ، لأجل العوضيّة ، كأنها جزء من الكلمة فلزمت ، فصارت الحركة لازمة لذلك ، فلزم الإدغام.
وزعم المازنيّ أنه يجوز الإظهار. واستدلّ على ذلك بجواز الإظهار في «أحيية» ، مع أنّ الهاء من «أحيية» لازمة لـ «أفعلة» ، لأنها لم تدخل على «أحي» كما أنها في «تحيّة» كذلك ، إذ لم تدخل على «تحيّ». وهذا الذي ذهب إليه ضعيف ، لأنّ الفرق بين «تحيّة» و «أحيية» بيّن. وذلك أنّ التاء من «تحيّة» صارت عوضا من حرف من نفس الكلمة ، فصارت كأنها حرف من نفس الكلمة لذلك. وأيضا فإنّ «أحيية» جمع ، والجمع فرع على الواحد ، والفروع قد لا تلحظ وقد تلحظ. وأما «تحيّة» فمصدر. والمصدر أصل. فينبغي أن يلحظ في نفسه.
وإذا أظهرت الياءين ولم تدغم ، كان الإدغام جائزا مع الإظهار أو لم يكن ، فإنّ إخفاء الحركة من الياء الأولى أفصح من الإظهار ، لأنه وسيطة بين الإظهار والإدغام ، فكان أعدل لذلك.
والإخفاء ، فيما حركة الياء الأولى منه كسرة ، أحسن من الإخفاء فيما حركتها منه فتحة. فالإخفاء في «محيييين» أحسن من الإخفاء في «محيين» ، لأنّ الكسرة في الياء أثقل من الفتحة ، فتكون الداعية إلى التخفيف مع الكسرة أشدّ.
وقد شذّ أليفاظ في هذا الفصل ، فاعتلّت فيها العين. منها «آية» و «راية» و «ثاية» و «غاية» و «طاية». وكان حقّها أن يعتلّ منها اللّام ويصحّ العين. والذي سهّل ذلك كون هذه الألفاظ أسماء ، فلا تتصرّف فيلزم فيها من الإعلال والتغيير ما يلزم في الفعل.