فإن قيل : ولأيّ شيء لم تبدل من الواو ألف ، في مثل «قوقيت»؟.
فالجواب : أنهم فرّقوا بذلك بين ذوات الياء وذوات الواو ، وكان إبدال الألف من الياء أولى ، لقرب الألف من الياء ، ولما في إظهار الياء من اجتماع الأمثال. وممّا يدلّ على أنهم يبدلون كراهية اجتماع الأمثال «دهديت» (١) ، وأصله «دهدهت». فأبدلت الهاء ياء.
وزعم المازنيّ أنّ الألف منقلبة عن واو ، وحجّته أنّ الألف لمّا لم ينطق لها بأصل ، لا من ياء ولا من واو ، حملها على ما نطق له بأصل ، وهو «قوقيت».
والأوّل أقيس وأحسن ، لأنّ فيه محسّنا لقلب الياء ألفا. وليس في مذهب المازنيّ ما يحسّن القلب.
وجاء من ذلك في الأسماء «غوغاء» ، فيمن صرف فقال «غوغاء» ، أو من ألحق التاء فقال «غوغاءة». والأصل «غوغاو» و «غوغاوة» فقلبت الواو همزة لتطرّفها بعد ألف زائدة.
فإن قيل : ولعلّ الهمزة منقلبة عن حرف علّة ملحق بالأصل؟.
فالجواب : أنّ حمل الكلمة على ذلك يؤدّي إلى كون الكلمة من باب «سلس وقلق» وذلك قليل جدّا ، فحملت على الباب الأوسع. وأيضا فإنّ العرب لم تلحق من بنات الثلاثة ببنات الأربعة شيئا على وزن «فعلاء» ، لم يوجد من كلامها مثل «حمراى» منوّنا.
فإن قيل : ولعلّ الواو زائدة ، ووزن الكلمة «فوعال» نحو «توراب»؟.
فالجواب : أنّ هذا البناء قليل ، فلا ينبغي أن يحمل عليه. وأيضا فإنه يؤدّي إلى الدخول في باب «ددن» ، وهو أقلّ من باب «سلس».
فأما من منع الصرف فالهمزة عنده زائدة ، والكلمة من باب «سلس».
وكذلك «الصّيصية» (٢) و «الدّوداة» (٣) و «الشّوشاة» (٤). فأما «الصّيصية» فمن مضعّف الياء. وأما «الدّوداة» و «الشّوشاة» فمن مضعّف الواو. ولا ينبغي أن يدّعى في «صيصية»
__________________
(١) دهديت الحجر : دحرجته. انظر الصحاح للجوهري ، مادة (دهده).
(٢) الصيصية : الحصن ، وكل شيء امتنع به وتحصّن. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (صيص).
(٣) الدوداة : الأرجوحة التي يلعب بها الصبيان. انظر القاموس المحيط للفيروز آبادي ، مادة (دود).
(٤) الشوشاء : الناقة الخفيفة ، والمرأة تعاب بذلك. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (شوش).