مثل ما ألحقت به. فإنك حينئذ لا تدغم ، نحو «جلبب» و «اسحنكك» ، لأنهما ملحقان بـ «قرطس» و «احرنجم». فلو أدغمت ، فقلت «جلبّ» و «اسحنكّ» ، لكنت قد حرّكت ما في مقابلته من بناء الملحق به ساكن ، وسكّنت ما في مقابلته متحرّك ؛ ألا ترى أنك كنت تحرّك العين من «جلبب» وهي في مقابلة الراء من «قرطس» ، وتسكّن الباء الأولى وهي في مقابلة طاء «قرطس» ، وتحرّك النون من «اسحنكك» وهي في مقابلة نون «احرنجم» ، وتسكّن الكاف الأولى منها وهي في مقابلة الجيم من «احرنجم».
أو يكن أحد المثلين في أوّل الكلمة أو تاء «افتعل». فإن كان أحد المثلين في أوّل الكلمة فإنه لا يخلو من أن يكون الثاني إذ ذاك زائدا ، أو غير زائد. فإن كان زائدا لم تدغم نحو «تتذكّر» ، لأنك إذا استثقلت اجتماع المثلين حذفت الثاني فقلت «تذكّر» ، لأنه زائد وليس في حذفه لبس. وإن كان الثاني أصليّا فإن شئت أدغمت. وذلك بتسكين الأوّل ، وتحتاج إذ ذاك إلى الإتيان بهمزة الوصل ، إذ لا يبتدأ بساكن. وإن شئت أظهرت. وذلك نحو «تتابع» و «اتّابع».
فإن قيل : ولأيّ شيء لم تحذف إحدى التاءين كما فعلت ذلك في «تذكّر»؟.
فالجواب : أنّ التاء هنا أصل ، فلا يسهل حذفها. وأيضا فإنّ حذفها يؤدّي إلى الالتباس ؛ ألا ترى أنك لو قلت «تابع» لم يدر أهو «فاعل» في الأصل أو «تفاعل».
فإن قال قائل : فلأيّ شيء لم يدغم في «تتذكّر» وأمثاله؟.
فالجواب : أنّ الذي منع من ذلك شيئان :
أحدهما : أنّ الفعل ثقيل ، فإذا أمكن تخفيفه كان أولى وقد أمكن تخفيفه بحذف أحد المثلين ، فكان ذلك أولى من الإدغام الذي يؤدّي إلى جلب زيادة.
والآخر : أنك لو أدغمت لاحتجت إلى الإتيان بهمزة الوصل ، وهمزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع لاسم الفاعل أصلا. كما لا تدخل على اسم الفاعل. وليس كذلك «تتابع» لأنه ماض ، والماضي قد تكون في أوّله همزة الوصل ، نحو «انطلق» و «استخرج» و «احمرّ».
فإن قال قائل : فلأيّ شيء لم يلزم «تتابع» الإدغام و «تتذكّر» الحذف ، ويرفض اجتماع المثلين كما رفض ذلك في ردّ؟.
فالجواب : أنّ التاء في مثل «تفاعل» و «تفعّل» لا تلزم لأنها دخلت على «فاعل»