نحو «اضرب بكرا» ، لأنه لا فاصل بين المثلين ، فهو أثقل من أن لو فصلت بينهما حركة وأيضا فإنّ الإدغام لا يؤدّي إلى تغيير شيء.
وإن كان الأوّل متحرّكا فإنه لا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحرّكا. فإن كان ما قبله متحرّكا جاز الإدغام والإظهار ، وإذا أدغمت فلا بدّ من حذف الحركة ، لما ذكرناه قبل. وكلاهما حسن ، والبيان لغة أهل الحجاز.
وإنما لم يلتزم الإدغام هنا ، لأنّ الأوّل من المثلين لا يلزم أن يكون ما بعده من جنسه ، ويلزم ذلك في الكلمة الواحدة ، فكأنّ اجتماع المثلين فيهما عارض ، فلذلك اعتدّ به مرّة ، ولم يعتدّ به أخرى. وذلك نحو «جعل لّك» و «يد دّاود» و «خاتم مّوسى». وأقوى ما يكون الإدغام وأحسنه إذا أدّى الإظهار إلى اجتماع خمسة أحرف بالتحريك فأكثر ، نحو «جعل لّك» و «فعل لّبيد» ، لثقل توالي الحركات. وكلّما كان توالي الحركات أكثر كان الإدغام أحسن.
وإن كان ما قبله ساكنا ـ أعني ما قبل الأوّل من المثلين ـ فلا يخلو من أن يكون الساكن حرف علّة أو لا يكون. فإن كان الساكن حرف علّة حذفت الحركة من المثلين وأدغمته في الثاني ، وإن شئت أظهرت. وذلك نحو «دار رّاشد» و «ثوب بّكر» و «جيب بّشير» و «يظلمونني».
وإنما جاز الجمع بين ساكنين لما في الساكن الأول من اللّين ، ولما في الحرف المشدّد من التشبّث بالحلاكة ، ولأنّ التقاء الساكنين فيها غير لازم إذ قد يزول بالإظهار. والبيان هنا أحسن من البيان في مثل «جعل لك» ، لسكون ما قبله ، فلم يتوال فيه من الحركات ما توالى في «جعل لك». وأيضا فإنّ الإدغام يؤدّي إلى اجتماع ساكنين.
فإن كان الساكن حرفا صحيحا لم يجز الإدغام ، نحو «اسم موسى» و «ابن نوح». وإنما لم يجز الإدغام فيه لأنّ الإدغام في الكلمتين أضعف منه في الكلمة الواحدة ؛ ألا ترى أنه يلزم في الكلمة الواحدة ولا يلزم في الكلمتين. فلمّا كان أضعف لم يقو على أن يغيّر له الحرف الساكن بالتحريك. إذ لو أدغمت لم يكن بدّ من تحريك سين «اسم» وباء «ابن». ولكنك تخفى إن شئت ، وتحقّق إن شئت. والمخفى بزنة المحقّق. إلّا أنك تختلس الحركة اختلاسا.
فأما قول بعضهم في القراءة «نعمّا» فحرّك ، فلم يحرّك العين للإدغام ، بل جاء على لغة من يقول «نعم» فيحرّك العين ، وهي لغة هذيل.