وقد شذّ العرب في «علماء بنو فلان» فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، فاجتمعت اللّامان : لام «على» مع لام التعريف. واستثقل ذلك ، مع أنه قد كثر استعمالهم له في الكلام ، وما كثر استعماله فهو أدعى للتخفيف مما ليس كذلك ، فحذفت لام «على» تخفيفا ، لمّا تعذّر التخفيف بالإدغام.
وإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو الثاني من أن يكون حرف علّة ، أو حرفا صحيحا. فإن كان حرف علّة فقد تقدّم حكمه في باب القلب ، فأغنى ذلك من إعادته.
وإن كان حرفا صحيحا فلا يخلو من أن يكون تصل إليه الحركة في حال ، أو لا تصل :
فإن وصلت إليه الحركة فإنّ أهل الحجاز لا يدغمون ، لأنّ الإدغام يودّي إلى التقاء الساكنين ، لأنك لا تدغم الأول في الثاني حتى تسكّنه ، لئلّا تكون الحركة فاصلة بين المثلين كما تقدّم ، والثاني ساكن فيجتمع ساكنان. فلمّا كان الإدغام يؤدّي إلى ذلك رفضوه. وذلك نحو «أن تردد أردد» و «لا تضارر» و «اشدد».
فإن قلت : فهلّا حرّكوا الثاني من الساكنين إذا التقيا ، ثم أدغموا الأول فيه!
فالجواب : أنّ حركة التقاء الساكنين عارضة فلم يعتدّ بها كما لم يعتدّ بها في نحو : (قُمِ اللَّيْلَ) [المزمل : ٢] ؛ ألا ترى أنهم لا يردّون الواو المحذوفة من «قم» لالتقاء الساكنين ، وإن كانت الميم قد تحرّكت ، لأنّ الحركة عارضة.
وأما غيرهم من العرب فيدغم ويعتدّ بالعارض ، لأنّ العرب قد تعتدّ بالعارض في بعض الأماكن. وأيضا فإنه حمل ما سكونه جزم على المعرب بالحركة ، لأنه معرب مثله. فكما أنّ المعرب بالحركة تدغمه نحو «يفرّ» فكذلك المعرب بالسكون. وحمل ما سكونه بناء على ما سكونه جزم لأنه يشبهه ؛ ألا ترى أنّ العرب قد تحذف له آخر الفعل في المعتلّ كما تحذفه للجزم ، فتقول «اغز» كما تقول «لم يغز». وأيضا فإنك قد تحرّك لالتقاء الساكنين فتقول «اردد القوم». فصار بذلك يشبه المعرب بتعاقب الحركة والسكون على آخره ، كما أنّ المعرب كذلك في نحو «يضرب» ولم «يضرب». فلمّا أشبه المعرب في ذلك حمل في الإدغام عليه.
والذين من لغتهم الإدغام يختلفون في تحريك الثاني :
فمنهم من يحرّكه أبدا بحركة ما قبله إتباعا فيقول «ردّ» و «فرّ» و «عضّ» ، ما لم تتّصل