فقلبت الواو ياء لوقوع الياء بعدها وهي ساكنة ، وأبدلت الضّمة قبلها كسرة لتصحّ الياء ، ثم أدغمت الياء في الياء. ولا يستثقل هنا اجتماع ثلاث ياءات كما استثقل في مثل «حمصيصة» من «الرّمي» ، لسكون ما قبل الياء الأولى.
وتقول في «مفعلة» من «الرّمي» : «مرموة» إن بنيتها على التأنيث ، وإن بنيتها على التذكير قلت «مرمية». وذلك أنّ الأصل «مرمية» ، فوقعت الياء بعد ضمّة غير متطرّفة لأجل التاء ، فقلبت واوا استثقالا لها بعد الضّمّة ، كما قالوا «لقضو» فأبدلوا الياء واوا. هذا إذا اعتددت بالتاء. فإن لم تعتدّ بها ، وجعلت التاء كأنها لحقت البناء بعد كمال المذكّر ، قلبت الضّمّة كسرة ـ لأنّ الياء إذا وقعت طرفا ، وقبلها ضمّة ، قلبت الضمة كسرة ـ ثم ألحقت بعد ذلك التاء.
وتقول في مثل «قمحدوة» (١) من «الرّمي» : «رميّوة» إن بنيت الكلمة على التأنيث. وإن بنيتها على التذكير قلت : «رميّتة». وذلك أنّ الأصل «رمييوة» ، فصحّت ، فصحّت الواو كما صحّت في «قمحدوة» لأنها غير متطرّفة ، وأدغمت الياء في الياء. فإن قدّرت التاء لحقت بعد استعمال اللفظ بغير تاء ، كأنه قبل لحاق التاء «رميّو» ، قلبت الواو ياء لتطرّفها ، والضمّة قبلها كسرة ، كما فعل ذلك بـ «أدل» ، ثم ألحقت التاء بعد ذلك فصار «رميّية». ولا تحذف هنا إحدى الياءات ، لأنهم إنما يفعلون ذلك إذا كانت الأولى زائدة.
وتقول في مثل «اطمأننت» من «رميت» : «ارميّيت» و «ارميّا». والأصل «ارميّي» فتقلب المتطرّفة ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها. ولم تنقل الحركة من الياء المتوسّطة إلى الساكن قبلها ، ثم تدغم إحدى الياءين في الأخرى ، فتقول «ارمييّ» ، على قياس «اطمأنّ» ، لأنّ الياء المتوسطة لمّا سكن ما قبلها لم تعلّ بنقل حركتها ، كما لم تعلّ في «ابيضّ».
وتقول في مثل «اغدودن» من «الغزو» : «اغزوزيت» و «اغزوزى». والأصل «اغزوزوت» فقلبت الواو ياء كما قلبت في «أغزيت» و «غازيت» ، أعني : حملا على المضارع في القلب ، الذي هو «يغزوزي» ، كما قلبت في «أغزيت» و «غازيت» حملا على «يغزي» و «يغازي».
وتقول في مثل «عنكبوت» من «الغزو» : «غزووت». والأصل «غزووت». فقلبت الواو المتوسّطة ألفا ، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، قثم حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع الواو.
__________________
(١) القمحدوة : فأس الرأس المشرفة على النقرة. انظر لسان العرب لابن منظور ، مادة (قمحد).