فإن قيل : إذا أدغم لم يعلم أ«فعلان» هو أم «فعلان» مكسور العين! قيل : هذا محال ، لأنك لو أردت بناء «فعلان» لقلبت الواو الأخيرة ياء ، لانكسار ما قبلها ، فيختلف الحرفان ، فتقول «قويان» فلا تدغم.
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه. أما ما ذهب إليه ابن جنّي ، من أنّ قلب الضمّة كسرة ، والواو ياء ، يؤدّي إلى الإلباس فالإلباس غير محفول به ؛ ألا ترى أنّ كلامهم يجيء فيه البناء المحتمل لوزنين كثيرا ، كـ «مختار» فإنه متردّد بين «مفتعل» ومفتعل ، وك «ديك» على مذهبنا فإنه متردّد بين «فعل» و «فعل» ، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة. وأيضا فإنه إذا أدغم لم يدر هل البناء «فعلان» في الأصل ، أو «فعلان» بسكون العين.
وأما ما ذهب إليه أبو العباس من أنّ اجتماع واوين ، الأولى منهما مضمومة والثانية متحرّكة ، لا يجوز لثقله ، فباطل لأنه قد وجد في كلامهم نظيره ؛ ألا ترى أنك إذا نسبت إلى «صوى» (١) بعد التسمية به قلت «صوويّ». لا خلاف في ذلك ، مع أنه قد اجتمع لك واوان الثانية متحرّكة وقبل الأولى ضمّة ، والحركة بعد الحرف في التقدير فكأنها في الواو ، فكذلك «قووان».
فهذا الذي ذهب إليه سيبويه هو الصحيح ، لأنّ مثل «قووان» لم يجىء في كلامهم مصحّحا ولا معلّلا. فإذا بنيته فالقياس أن تحمله على أشبه الأشياء به ، وأشبه الأشياء به «صوويّ».
وتقول في «فعلان» منها : قوان. صحّت العين كما صحّت في «جولان» ، وصحّت اللّام كما صحّت في «نزوان».
وتقول في «مفعول» منها : «مكان مقويّ فيه». والأصل «مقووو» ، فقلبت الواو المتطرّفة ياء ، لاستثقال اجتماع ثلاث واوات وضمّة في الطرف ، ثم قلبت الواو التي قبلها ياء لسكونها وبعدها الياء. وقلبت الضمّة قبلها كسرة لتصحّ الياء ، ثم أدغمت الياء في الياء. ومن قال «مغزوّ» ولم يقلب لم يجز هنا إلّا القلب ، لأنه أثقل.
وتقول في «فعلول» من «طويت» : «طوويّ». والأصل «طويوي» ، فقلبت الواوان ياءين لسكونهما وبعدهما الياء ، وقلبت الضّمّة التي كانت قبل الواو الأخيرة كسرة ، لتصحّ الياء ـ ولم تقلب الضّمّة التي قبل الأولى ، لبعدها عن الطّرف ؛ ألا ترى أنهم يقولون «عصيّ» ،
__________________
(١) الصوى : الأعلام من الحجارة انظر الصحاح للجوهري ، مادة (صوى).