٤٦٥ ـ «إن لا ده فلا ده» (١)
ومن الأصوات الدالة على أحوال في نفس المتكلم : وي ، وهي للتندم ، أو التعجب وقد ذكرنا في المفعول المطلق (٢) أن «ويل» عند الفراء ، أصله «وي» ، وأن اللام كان حرف جر ، وكان الأصل : وي لك ، أي عجب لك ، ثم كثر استعماله معه حتى ركب معه وصار لام الفعل (٣) ، وصار : ويلك كقولك (٤) حتى قالوا : ويلا وويل ؛
ومذهب غيره أن ويل ، وويح ، وويس ، وويب : كلمات برأسها بمعنى الهلاك ، وأنها مصادر لا أفعال لها ؛
وقولهم : ويلمّه ، يروى بكسر اللام وضمها ، فالضم على وجهين : إمّا أن يقال :
الأصل : ويل أمّه ، مبتدأ محذوف الخبر ، أي : هلاكها حاصل ، أي : أهلكها الله ، وهذا كما يقال في التعجب : قاتله الله ، فإن الشيء إذا بلغ غايته : يدعى عليه ، صونا له عن عين الكمال (٥) ، كما قال :
__________________
(١) أصل هذا الكلام أن صاحب الثأر يلقى خصمه فلا يتعرض له فيقال له : ان لاده فلاده ، يعني إذا لم تضربه الآن فلن تضربه بعد ذلك ، وهذا يوافق قول الرضى ان معناه الضرب ، وقوله انها كلمة فارسية هو أحد الأقوال ، وقال بعضهم انها مأخوذة من ده ، اسم الإشارة ، وقيل غير ذلك ، وقد جاء هذا المثل في رجز لرؤبة أوله :
لله در الغانيات المدّه |
|
سبّحن واسترجعن من تأله |
المدّه أي المدح جمع مادحة ، وفي هذا الرجز :
فاليوم قد نهنهنى تنهنهي |
|
وأول حلم ليس بالمسفّه |
وقوّل : ان لاده فلاده ...
وقوله : أول حلم : أي رجوع العقل ؛
(٢) في الجزء الأول ،
(٣) يعني أن كلمة وى ، امتزجت باللام فصارت كأنها كلمة على وزن فعل ، فأصبحت اللام بمنزلة لام الكلمة الثلاثية الأصول ،
(٤) نتيجة ما تقدم من امتزاج وى باللام أصبح لفظ ويلك مثل لفظ قولك ،
(٥) أي صونا له عن إصابته بالعين أي بالحسد الذي يصيب كل شيء كامل ، فكلمة عين ، مصدر عانه أي أصابه بالعين يعني حسده ،