ومنه القراءة الشاذة : (١)(لله الأمر من قبلٍ ومن بعدٍ) (٢) ، ويقال : ابدأ به أوّلا ، فعلى هذا، لا فرق في المعنى بين ما أعرب من هذه الظروف المقطوعة ، وما بني منها ، وهو الحق ؛
وقال بعضهم : بل أعربت لعدم تضمن معنى الإضافة ، فمعنى : كنت قبلا : أي قديما ، وابدأ به أوّلا : أي متقدما ؛ ومعنى من قبل ومن بعد : أي متقدما ؛ ومتأخرا ، لأن «من» زائدة ،
قيل : ويجوز تنوين هذه الظروف المضمومة لضرورة الشعر ، مرفوعة ومنصوبة ، نحو : جئتك قبل وقبلا ، كما قيل في المنادى المضموم : يا مطر ويا مطرا (٣) ، فيجوز أن يكون قوله : فما شربوا بعدا ، وقوله : وكنت قبلا : من هذا ؛
وسمّيت هذه الظروف المقطوعة عن الإضافة : غايات ، لأنه كان حقها في الأصل ألّا تكون غاية ، لتضمنها المعنى النسبي ، بل تكون الغاية هي المنسوب إليه ، فلما حذف المنسوب إليه ، وضمنت معناه ، استغرب صيرورتها غاية لمخالفة ذلك لوضعها ، فسمّيت بذلك الاسم لاستغرابه ، ولم يسمّ : كل ، وبعض ، مقطوعي الإضافة غايتين ، لحصول العوض عن المضاف إليه ؛
وتقول : جئته من عل معربا أيضا ، كعم (٤) ، ومن عال ، كقاض ، ومن معال كمرام ، ومن علا ، كعصا ، ومن علو ، مفتوح الفاء مثلث اللام (٥) ، فإذا بنيت «عل» على الضم وجب حذف اللام أي الياء ، نسيا منسبا ، إذ لو قلت : علي ، لاستثقلت الضمة على الياء ، ولو حذفتها وقلت : من علي ، لم يتبيّن كونها مبنية على الضم كأخواتها ؛
__________________
(١) هي قراءة الجحدري وأبي الشمّال ؛
(٢) الآية ٤ سورة الروم ؛
(٣) إشارة إلى قول الشاعر المتقدم في باب النداء في الجزء الأول :
سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام |
(٤) صفة مشبهة من عمي فهو عم مثل فرح فهو فرح ؛
(٥) أي لام الكلمة وهي الواو ، أما اللام التي في وسط الكلمة فهي ساكنة ؛