بلزوم الإضافة ؛ وإنما لم يحذف أحد جزأي الفعلية لأن التصاق الجزأين فيها أشدّ ، وإنما حذف المبتدأ إذا كان ضمير الموصول لأنه بالنظر إلى الموصول كالاسم المكرر ؛ (١)
فإذا (٢) حذف المبتدأ صار (٣) مبنيا كأخواته الموصولة ، وذلك أن شيئا إذا فارق أخواته لعارض ، فهو شديد النزوع إليها ، فبأدنى سبب يرجع إليها ، وبني على الضم تشبيها بقبل وبعد ، لأنه حذف منه بعض ما يوضحه ويبيّنه أعني الصلة ، لأنها المبيّنة للموصول ، كما مرّ ، كما حذف من قبل ، وبعد ، المضاف إليه المبيّن للمضاف ؛
هذا هو مذهب سيبويه ، وهو الأكثر ، أعني كونه مبنيا على الضم عند حذف المبتدأ ، قال سيبويه : (٤) والإعراب مع حذف الصدر لغة جيدة ، وجاءني في الشواذ : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا)(٥) ، بنصب «أيّهم» وذلك لأنه لم تحذف الصلة بكمالها ، بل حذف أحد جزأيها ، وقد بقي ما هو معتمد الفائدة ، أي الخبر ،
قال الجرمي (٦) : خرجت من خندق الكوفة حتى أتيت مكة ، فلم أسمع أحدا يقول في نحو : اضرب أيهم أفضل ، إلا منصوبا ؛
وإن لم تضف مع حذف المبتدأ ، نحو : أكرم أيّا أفضل ، فكلام العرب : الإعراب ، وأجاز بعضهم البناء قياسا لا سماعا ، فتقول : أكرم أيّ أفضل : مضموما بلا تنوين ،
والخليل ويونس (٧) ، يقولان : اضرب أيّ أفضل مرفوعا ، إمّا على الحكاية أو التعليق،
__________________
(١) في النسخة المطبوعة جاءت عبارة : على الولاء بمعنى ، بعد قوله كالاسم المكرر ولا معنى لها ، وهي غير موجودة في بعض نسخ هذا الشرح ، فحذفتها ؛
(٢) رجوع إلى الحديث عن أيّ ،
(٣) أي لفظ أيّ ؛
(٤) سيبويه ١ / ٣٩٧
(٥) الآية ٦٩ سورة مريم
(٦) أبو عمر ، صالح بن إسحاق الجرمي ممن تكرر ذكرهم في هذا الشرح ،
(٧) الخليل بن أحمد ، ويونس بن حبيب من متقدمي النحاة وكلاهما شيخ لسيبويه ، وتقدم ذكر كل منهما في الجزأين السابقين ؛