كما يجيئ من مذهبيهما ؛
قال سيبويه (١) : لا يرفع نحو : اضرب أيّا أفضل ، ولا يبنى ، أيضا ، على الضم قياسا على : اضرب أيهم أفضل ، لأن ذلك مخالف للقياس ، ولم يسمع من العرب إلا : أيّا أفضل ، منصوبا ، ولو قالوا لقلنا ، أي لو رفعوا ، أو ضموا ، لاتبعناهم ؛
قال الجزولي (٢) : إعرابه مع حذف المضاف إليه ، دليل على أنه كان مع المضاف إليه أيضا معربا ، لأنّ حذف المضاف إليه يرجح جانب الحرفية كما في : قبل وبعد ؛
وذهب الكوفيون والخليل إلى أن نحو : أيهم ، في مثل هذا الموضع (٣) ، معربة مرفوعة ، على أن ما بعدها خبر ، وهي استفهامية لا موصولة ، قالوا : وهي في الآية مبتدأ ، خبره : أشدّ ، ومن كل شيعة : معمول لننزعنّ ، كما تقول : أكلت من كل طعام ، قال تعالى : (وأوتِيَتْ من كل شيء) (٤) ، فتكون «من» للتبعيض ، والكلام محكيّ ، أعني أن «أيهم أشد» صفة شيعة ، على إضمار القول ، أي كل شيعة مقول فيهم : أيّهم أشد ، كقوله :
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط (٥) ـ ٩٤
قال الخليل : وأيهم ، على هذا ، استفهامية ، نحو قولهم : اضرب أيّهم أفضل ، أي اضرب الذي يقال له (٦) : أيهم أفضل ، كما قال الأخطل :
٤٣١ ـ ولقد أبيت من الفتاة بمنزل |
|
فأبيت لا حرج ولا محروم (٧) |
أي : أبيت مقولا فيّ : لا حرج ولا محروم ، أي هو لا حرج ولا محروم.
__________________
(١) في سيبويه ج ١ ص ٣٩٧ وما بعدها ،
(٢) تقدم ذكره ،
(٣) يعني فيما إذا أضيفت وذكر صدر صلتها ،
(٤) الآية ٢٣ سورة النمل ،
(٥) تقدم الحديث عن هذا الشاهد ، وقد أصبح عند النحاة عنوانا على أن الكلام من باب إضمار القول ؛
(٦) أي الذي يقال في شأنه ، وذلك من معاني اللام بعد القول ، كما سيأتي في معاني حروف الجر ،
(٧) من شعر الاخطل ، وأورده سيبويه ١ / ٢٥٩ وقال إن الخليل فسّره بأن المعنى : فأبيت بمنزلة الذي يقال له أي يقال في شأنه : لا حرج ولا محروم ، وهو قريب من توجيه الشارح الرضى ،