فالجملة المعلق عنها في موضع مفعوله ، أي : عرفت هذا الأمر ، وإمّا أن يطلب أكثر ، فتكون تلك الجملة ، إمّا في مقام المفعول الأول والثاني ، نحو : علمت هل زيد في الدار ، أو في مقام الثاني والثالث نحو : أعلمتك هل زيد في الدار ، أو في مقام الثاني وحده نحو : علمت زيدا أبو من هو ، وكذا قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ)(١) ، فان «أدرى» يتعدى إلى مفعولين ، كأدريتك الحق ، وإن كان بمعنى أعلم ؛ أو في مقام الثالث وحده ، نحو : أعلمتك زيدا ، أبو من هو ،
وأمّا الثاني ، أي المتضمن لمعنى العلم ، فهو كل فعل ذكرنا أنه ممّا يطلب به العلم ، نحو : فكرت هل زيد في الدار ، فإن «فكرّ» لازم وضعا لكن يتعدى إلى مفعول لتضمينه معنى «تعرّف» ، أي : تعرفت هذا الأمر ، بالتفكير فيه ؛ وكذا قولك : انظر إليه : أقائم هو أم قاعد؟ أي : تعرّف هذا الحكم بالنظر إليه ؛
ورفع «زيد» في مثل : انظر ، وسل ، وزيد أبو من هو ، لكونه بمعنى : انظر وسل أبو من زيد : أهون من رفعه في نحو : اعلم زيد أبو من هو ، لأن النظر الذي بمعنى تفكر ، وسل ، الذي بمعنى : سل الناس ، لا ينصبان زيدا ، لو سلطتهما عليه ، كما ينصبه «اعلم» ، إذا سلطته عليه ؛
وكذا الحكم إن كان الفعل المطلوب به العلم متعديا بالوضع ، تعطيه من المفاعيل ما اقتضاه وضعه ، ثم تجيء بالجملة المعلق عنها في موضع المفعول الزائد له بسبب تضمينه معنى التعرّف ، نحو : امتحنت زيدا : هل هو كريم ، أي تعرّفت كرمه بامتحانه ، وأبصرت زيدا : هل هو في الدار ، أي : تعرّفت كونه في الدار بإبصاره ، وكذا قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)(٢) ، أي يترقّبون وقت إرسائها بسؤالك عنها ، وهذا كما قلنا في المفعول المطلق في : عمرك الله (٣) ، ان الكاف مفعول أصل الفعل و :
__________________
(١) الآية ١٧ سورة الانفطار ؛
(٢) الآية ٤٢ سورة النازعات ؛
(٣) شرح الرضي هذا التعبير وأمثاله وبيّن الأوجه الإعرابية فيه ، ومراده بأصل الفعل : التعمير أي إطالة العمر. ـ