فإن قيل : فلما امتزجا فهلّا أعربت الكلمة على النون ، كما يعرب الاسم المؤنث على التاء لمّا ركّبا ، أو : هلّا أعرب مع هذا الامتزاج على ما قبل النون ، كما أعرب الاسم مع امتزاجه بالتنوين على ما قبله؟
قلت : إمّا لأن (١) الاسم أصل في الإعراب والفعل فرع عليه ، فروعي إعراب الاسم بقدر ما أمكن ، دون الفعل ، ولا سيّما والنون من خواص الأفعال ، فترجّح جانب الفعلية ، وضعفت مشابهة الاسم.
وهذا على مذهب البصريين.
وإمّا لأنّ علة إعراب الفعل ليست ظاهرة ظهور علة إعراب الاسم ، وأكثر الأفعال مبنية ، فيرجع إلى البناء لأدنى سبب.
وهذا على مذهب الكوفيين.
هذا ، مع أن للعرب داعيا آخر إلى ترك إعراب ما قبل النون كما أعربوا الاسم على ما قبل التنوين فرجّحوا لذلك الداعي موجب البناء مع ضعفه ، وهو (٢) اشتغال ما قبل النون المؤكّدة بالحركة المجتلبة للفرق بين المفرد المذكر ، والمجموع المذكر ، والواحد المؤنث ، ففتحوا في الأول ، وضموا في الثاني ، وكسروا في الثالث ، لأجل الفرق ؛
ولما كان أصل الاسم الإعراب ، لم يبنوه مركبا مع التنوين ، بناء الفعل مع النون ، وأيضا ، لم يكن للتنوين معه امتزاج قوي ، ألا ترى إلى سقوطه في الوقف ، وفي الإضافة ، ومع اللام ، ولضعف الامتزاج لم يعرب على التنوين كما أعرب على تاء التأنيث.
وقال بعضهم : جميع ما اتصل به النونات (٣) من المضارع ، باق على إعرابه ، كما أن الاسم معرب ، لكن لمّا اشتغل حرف الإعراب بالحركة المجتلبة قبل إعراب الكلمة
__________________
(١) أي أن عدم الإعراب حينئذ إما لأن الخ.
(٢) أي الداعي إلى لترك اعراب ما قبل النون.
(٣) وهي نون النسوة ، ونونا التوكيد : الثقيلة والخفيفة.