والوجه عند الكوفيين أن يكون فاعل «عسى» مضمون الجملة الاسمية التي بعده ، كما في قوله تعالى : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ)(١) أي : يتوقع إطفاء غلات الكلى ؛
قوله : «والثاني كاد» ، أي ما وضع لدنوّ حصول الخبر : كاد ، وهو من كدت تكاد كيدا ومكادة ، مثل : هبت تهاب ؛
وحكى الأصمعي (٢) : كودا بالواو ، فيكون ، كخفت تخاف خوفا ومخافة والأول أشهر ؛ وأوشك بمعناه ، ومعنى «كاد» في الأصل : قرب ، ولا يستعمل على أصل الوضع ، فلا يقال : كاد زيد من الفعل ، ومعنى أوشك في الأصل : أسرع ، ويستعمل على الأصل ، فيقال : أوشك فلان في السير ؛
ومن مرادفات كاد وأوشك : أولى ، وكرب وهلهل ؛ وكرب في الأصل بمعنى قرب ، يقال كربت الشمس أي دنت للغروب ، وأمّا أولى فمعناه الأصلي قارب ، قال :
٧٣٤ ـ فعادى بين هاديا يتين منها |
|
وأولى أن يزيد على ثلاث (٣) |
أي قارب وكاد ، ولا يستعمل إلا مع «أن» ، والأظهر كونها مفعولا لأولى ،
ويجب تجريد خبر «هلهل» من «أن» ، وأما كاد وكرب وأوشك ، فتستعمل أخبارها مع أن ، ومجردة ، والتجريد مع كاد وكرب أكثر وأعرف ، وإذا كانت مع أن فهو بتقدير حرف الجر ، أي : كاد أو كرب من أن يقوم ، وأوشك في أن يقوم ، ثم حذف حرف الجر على القياس ، وأوجبوا ههنا حذفه لكثرة الاستعمال ، و «أن» إما منصوبة أو مجرورة كما مرّ ؛
وقد يقع بعد أوشك : أن ، مع الفعل نحو أوشك أن يخرج زيد ، أي أسرع خروجه ،
__________________
(١) الآية ٣٥ من سورة يوسف ؛
(٢) عبد الملك بن قريب الأصمعي : أحد أئمة اللغة ورواة الشعر ، وتكرر ذكره في هذا الشرح ؛
(٣) البيت في وصف فرس ، ونقله البغدادي عن الأصمعي من غير نسبة إلى أحد ؛