وبرّها سرقة ؛ وقولهم : نعم السّير على بئس العير ، وليس زيد بنعم الصاحب وغير ذلك ؛ وليس ذلك (١) على الحكاية وحذف القول ، كما قال بعضهم ، كقوله :
٧٤٦ ـ والله ما ليلي بنام صاحبه |
|
ولا مخالط الليان جانبه (٢) |
أي بمقول فيه ذلك ؛ لأن ذلك في نعم وبئس ، مطرد كثير ، بخلاف : «بنام صاحبه» ،
وحكى قطرب (٣) : نعيم الرجل زيد ، على وزن شديد وكريم ، فهذه الحكاية إن صحّت ، تؤكد كون «نعم» كالصفة المشبهة ، فيحمل ما جاء مطردا من نحو : يا نعم المولى ، ويا نعم النصير ؛ ويا بئس الرجل على أنه منادى ؛ وأيضا يجوز دخول لام الابتداء ، ولام القسم عليهما نحو : ان زيدا لنعم الرجل ، و : والله لنعم الرجل أنت ، مع أنهما لا تدخلان الماضي بدون «قد» ؛
وهذه الاشياء ، هي التي غرّت الفرّاء حتى ظن أنهما في الأصل اسمان ، ولو كانا كذلك ، لم يكن لرفع ما بعدهما وجه ، إلا بتكلف ،
ولأجل كون الجملة بمنزلة المفرد ، لم يتوسط بين جزأيها ، لا ظرف ولا غيره ، فلا يقال : نعم اليوم الرجل ؛
فإذا تقرر ذلك ، قلنا في نعم الرجل زيد : ان «زيد» مبتدأ ، و : «نعم الرجل» خبره ، أي : زيد رجل جيّد ، ولم يحتج إلى الضمير العائد إلى المبتدأ ، لأن الخبر في تقدير المفرد ؛
والأكثر في الاستعمال كون المخصوص بعد الفاعل ، ليحصل التفسير بعد الإبهام ، كما مرّ ، فيدخله عوامل الابتداء مؤخرا نحو : نعم الرجل كنت ، وقوله :
__________________
(١) أي الأمثلة التي دخل فيها حرف الجر ، على نعم وبئس ؛
(٢) الليان بتخفيف الياء مصدر لان ، أي آن جانبه ـ أي جنبه لا يجد مكانا سهلا لينا والبيت مجهول القائل ؛
(٣) محمد بن المستنير تلميذ سيبويه. وكان شديد الملازمة له ، وسيبويه هو الذي لقبه بقطرب ، والقطرب دويبة لا تهدأ عن السعي نهارا وسيبويه قال له إنما أنت قطرب ليل ، وتقدم ذكره ؛