يمينا لنعم السيدان وجدتما |
|
على كل حال من سحيل ومبرم (٤) |
وقد يتقدم المخصوص على نعم وبئس ، نحو : زيد نعم الرجل ، وهو قليل ، ومع ذلك يستعمل الفاعل بلام زائدة كما رأيت ، أو مضمرا مفسّرا بما بعده ، كقول الأخطل ؛
٧٤٧ ـ أبو موسى ، فجدّك نعم جدّا |
|
وشيخ الحيّ خالك ، نعم خالا (١) |
وإنما لزم كون الفاعل مبهما مع تقدم المبتدأ ، لأن تقدمه كالنادر ، بالنسبة إلى تأخره ؛
ويدخله ، مقدما ، نواسخ المبتدأ ، نحو : كنت نعم الرجل ، وظننتك نعم الرجل ؛ والضمير في : جدّك نعم جدّا ، لا يرجع إلى المبتدأ ، وإلا لم يحتج إلى التفسير ، بل هو ضمير قبل الذكر مفسّر بما بعده ؛ فالذي روي ، وإن كان كالشاذ لقلته في نحو : مررت بقوم نعم بهم قوما ، ونعموا قوما ، ليس الضميران ، أي : هم ، والواو ، براجعين إلى الموصوف وإلّا ، لم يفسّرا ؛
قوله : «مضمرا مميّزا بنكرة منصوبة» ، اعلم أن الضمير المبهم في نعم وبئس ، على الأظهر الأغلب ، لا يثنى ولا يجمع ، ولا يؤنث ، اتفاقا بين أهل المصرين ، لعلتين : احداهما : عدم تصرف نعم وبئس ، فلم يقولوا : نعما رجلين ، ونعموا رجالا ، ونعمت امرأة ، لأن ذلك نوع تصرف ، ولهذا أجازوا : نعم المرأة هند ، وبئس المرأة دعد ، كما أجازوا نعمت المرأة ، لكن الحاق تاء التأنيث أهون من إلحاق علامتي التثنية والجمع ، لأنها تلحق بعض الحروف ، أيضا ، كلات ، وثمت ، وربّت ، ولعلت ، فلذلك اطرد : نعمت المرأة ، ولم يطرد : نعما رجلين ونعموا رجالا ؛ والعلة الثانية : أن الضمير المفرد المذكر ، أشدّ إبهاما من غيره ، لأنك لا تستفيد منه ، إذا لم يتقدمه ما يعود عليه ، إلا
__________________
(١) تقدم ذكره قريبا ؛
(٢) من قصيدة لذي الرمة في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري وهو المقصود بقوله نعم جدّا ، وبعده مما يتصل بذلك المدح :
مكارم ليس يحصيهنّ عدّ |
|
ولا كذبا أقول ولا انفعالا |
وليس البيت للأخطل كما قال الشارح ؛