المبهم وتمييزه ، إلا في الضرورة ، فما ظنك بمثل هذا الضمير ؛
وقد جاء شاذّا بغير الظرف نحو : نعم زيد رجلا ؛ وأمّا الفصل بين ذا ، في : حبّذا ، وتمييزه ، فلجواز استغنائه عنه ، فلذا قيل : حبذا رجلا زيد ، وحبذا زيد رجلا ؛
ولا يجوز أن يجاء ، لهذا الضمير بالتوابع ، كالبدل والتأكيد والعطف ، لأنه من شدة الإبهام كالمعدوم ، والاعتبار بتمييزه ، وهو المفيد للمقصود ، ويلزم هذا الضمير ، غالبا ، أن يميز ؛
وقيل في قوله تعالى : (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ)(١) : ان التمييز محذوف ، أي : بئس مثلا مثل القوم ؛ والأولى حذف المضاف من الذين ، على أنه المخصوص أي : بئس مثل القوم : مثل الذين ؛ أو حذف المخصوص ، أي : بئس مثل القوم المكذبين مثلهم ، كما يجيء ؛
وقد يجيء ، عند المبرد ، وأبي علي ، بعد الفاعل الظاهر تمييز للتأكيد ، قال :
٧٤٨ ـ تزوّد مثل زاد أبيك فينا |
|
فنعم الزاد زاد أبيك زادا (٢) |
وقال تعالى : (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً)(٣) أي ذراعها ، إذ المصدر لا يخبر عنه بأنه سبعون ذراعا ، وهذا كمجيء الحال في : قم قائما ، وتعال جائيا للتأكيد ،
ومنع سيبويه ذلك ، لأن وضع التمييز لرفع الإبهام ، وتأوّل البيت بتزوّد مثل زاد أبيك زادا ، على أن «مثل» حال من مفعول تزوّد ، وهو «زادا» وقوله تعالى : ذرعها ، مصدر بمعنى المفعول ، أي مذروعها أي : طولها سبعون ذراعا ؛
قوله : «أو بما ، مثل فنعمّا هي» ؛ اختلف في «ما» هذه ، فقيل : كافّة هيّأت نعم وبئس ، للدخول على الجمل ، كما قيل في : قلّما ، وطالما ؛
__________________
(١) الآية ٥ سورة الجمعة ؛
(٢) من قصيدة لجرير في مدح عمر بن عبد العزيز ، وهو من الأبيات التي استشهد بها كثير من النحاة ؛
(٣) الآية ٣٢ سورة الحاقة ؛