ولا تحذف الفاء في جواب «أمّا» ، إلا لضرورة الشعر ، نحو قوله :
٩٢٦ ـ فأمّا الصدور ، لا صدور لجعفر |
|
ولكن أعجازا شديدا ضريرها (١) |
أو مع قول محذوف يدل عليه محكيّه ، كقوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ، أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي)(٢) ، أي فيقال لهم : أفلم تكن ؛
ولا يقع بين «أمّا» وفائها ، جملة تامة مستقلة ، نحو : أما زيد قائم ، فعمرو كذا ؛ لأن الواقع بينهما ، كما مضى ، جزء الجزاء ؛ المقصود كونه ملزوما للحكم الذي تضمنه ما بعد الفاء ، فلا يكون جملة تامة مستقلة ؛
واعلم أنه يأتي بعد «أمّا» ، ما يتكرّر ذكره بعد فائها ، وذلك إمّا مصدر مكرر ضمنا بأن يذكر بعد الفاء ما اشتق من ذلك المصدر ، نحو : أمّا سمنا ، فسمين ، وأمّا علما فعالم ؛ وإمّا صفة تكرر لفظها بعد الفاء ، نحو قولك : أمّا صديقا مصافيا فليس بصديق ، وأما عالما فعالم ونحو ذلك ، وإمّا غير ذلك نحو : أمّا البصرة فلا بصرة لك ، وأمّا أبوك فلا أبا لك (٣) ، وأمّا العبيد فذو عبيد ، وأما زيد فقد قام زيد ؛
فالمنكّر من المصدر والوصف ، يجب عند الحجازيين ، نصبهما (٤) ، ويختار ذلك بنو تميم ، لا إلى حدّ الوجوب ؛ والمعرّف من المصدر ، يجب رفعه عند بني تميم ، على ما يعطيه ظاهر لفظ سيبويه (٥) ، والأولى أنهم يجيزون الرفع والنصب فيه ، كما يجيء ؛ وأمّا الحجازيون
__________________
(١) قائل هذا البيت من قبيلة تسمى بالضباب وجعفر في البيت الشاهد اسم قبيلة أخرى ، والقبيلتان تتصلان في النسب وقال البغدادي ان هذا الشاعر يهجو قبيلة جعفر بأنها لا صدور لها وفسّر الصدور بكبار القوم وفرسانهم ، وفسّر الاعجاز بالنساء وضبط : ضريرها بالضاد المعجمة وفسّرها بالضرر وقال ان المعنى : هؤلاء القوم لا يستطيع رجالهم فعل شيء ، ولكن نساءهم شديدات الضرر ؛
(٢) الآية ٣١ سورة الجاثية ؛
(٣) هكذا مثل سيبويه في ج ١ ص ١٩٥ ؛
(٤) التثنية باعتبار أن المنكر قد بيّن باثنين هما المصدر والوصف ؛
(٥) انظر سيبويه ج ١ ص ١٩٥ وما بعدها ؛