قوله : «وما قبلها مع ضمير المذكرين ، مضموم» ، لأن ضمير المذكرين ، أعني الواو ، إمّا أن ينضمّ ما قبلها ، كانصروا واغزوا ، أو يفتح ، كاخشوا ، وارضوا ، فالمضموم ما قبلها يحذف إذا اتصلت به نون التأكيد للساكنين في كلمتين ، وأولاهما مدّة ، وإن كانت الثانية (١) لشدّة الاتصال وعدم الاستقلال كالجزء من الأولى ، إلّا أنهما ، على كل حال ، كلمتان ، والثقل حاصل بوجود الواو المضموم ما قبلها ، وعليها دليل إذا حذفت ، وهو ضمة ما قبلها ؛ قال سيبويه : لو قالوا اضربونّ واضربينّ ، كما قيل : اضربانّ لم يكن خارجا عن القياس ، كتمودّ الثوب ، ومديقّ (٢) ؛
والمفتوح ما قبلها يحرّك للساكنين بالضم ، وإنما لم يحذف لأنه ليس بمدّة ، كما يجيء في التصريف في باب التقاء الساكنين (٣) ؛
وإنما ضمّ ، ولم يكسر ، ولم يفتح ، اجراء لما قبل نون التوكيد في جمع المذكر في جميع الأنواع ، مجرى واحدا ، بالتزام الضمة فيه ؛
قوله : «ومع المخاطبة مكسور» ، لأن ضمير المخاطبة ياء ، فإن كان ما قبلها مكسورا ، كاضربي واغزي وارمي ، حذفت الياء للساكنين ، كما قلنا في الواو ؛ وإن كان ما قبلها مفتوحا حرّك بالكسر ، كاخشينّ وارضينّ اجراء لما قبل النون في المخاطبة في جميع الأنواع مجرى واحدا ، مع أن الكسر للساكنين هو الأصل ؛
وقال ابن مالك (٤) : حذف ياء الضمير بعد الفتحة لغة طائية ؛ نحو : ارضنّ في : ارضي ؛
__________________
فكعبة نجران حتم عليك |
|
حتى تناخي بأبوابها |
ومنها قوله :
وكأس شربت على لذة |
|
وأخرى تداويت منها بها |
(١) أي الكلمة الثانية وهي نون التوكيد ؛
(٢) تصغير مدقّ ، آلة الدق ، ومثال سيبويه : أصيم تصغير أصمّ ؛
(٣) أي في شرح الشافية ، وقد ألفه الرضي بعد الانتهاء من شرحه هذا ؛
(٤) هذا القول ذكره ابن مالك في التسهيل ، وقد جاء بهامش النسخة المطبوعة نسبة هذا القول للمالكي في بعض نسخ هذا الشرح ؛