هذا كله على مذهب الجمهور ، الذاهبين إلى بناء ما اتصل به النون ، وأمّا على مذهب من قال : الفعل باق على ما كان عليه قبل دخول النون من الإعراب أو البناء ، فإنه يقول : إنما ردّت اللام ، وفتحت في الناقص ، نحو : اغزونّ وارمينّ ، إذ لو لم تردّ ، لقيل : اغزنّ بالضم ، وارمنّ بالكسر ، فكان يلتبس بالأول : جمع المذكر ، وبالثاني : الواحد المؤنث ، ففتحوا ما قبل النون في كل واحد مذكر ، صحيحه ومعتله ؛ وأمّا ردّ اللام في : ارضينّ واخشينّ ، فلطرد الباب فقط ، إذ لم يكن يلتبس به شيء آخر ،
هذا ، ولغة طيء على ما حكى عنهم الفرّاء : حذف الباء الذي هو لام في الواحد المذكر بعد الكسر والفتح في المعرب والمبني ، نحو : والله ليرمنّ زيد ، وارمنّ يا زيد ، وليخشنّ زيد ، واخشنّ يا زيد ، وعليه قوله :
٩٣٩ ـ إذا قال قدني قال بالله حلفة |
|
لتغننّ عني ذا إنائك أجمعا (١) |
وإنما لم تحذف الألف في : اضربانّ وإن التقى ساكنان ، كما حذفوا الواو والياء في : اضربنّ ، واضربنّ ؛ خوف اللبس بالواحد ، لأن النون إنما كسرت لأجل الألف كما ذكرنا ، فلو حذفت الألف لانفتحت النون ، مع أن الألف أخفّ من الواو والياء ؛ وأيضا ، المدّ فيه أكثر منه في الواو والياء ، والمدّ يقوم مقام الحركة ، والنون كبعض الكلمة ، فصار : اضربانّ ، كالضالّين (٢) ،
وأمّا الألف في : اضربنانّ ، فلم تحذف لأنها مجتلبة للفصل بين النونات فلو حذفت لحصل الوقوع فيما فرّ منه ؛
__________________
(١) البيت من قصيدة لحريث بن عتّاب الكائي نقلها البغدادي عن أمالي ثعلب ، وشرحها وفيها وصف لرجل ينشد ابلا ، استضافه حريث وأكرمه وهو يقول قبل هذا البيت :
دفعت إليه رسل كوماء جلدة |
|
وأغضيت عنه الطرف حتى تضلّعا |
ويروى بيت الشاهد : إذا قال قطني قلت آليت حلفة ؛ كما يروى : لتغننّ بلام القسم ونون التأكيد ومعنى البيت أنه كلما أراد الضيف الاكتفاء من شرب اللبن حلفت عليه أن يأتي على جميع ما في الاناء ، وهو مبالغة في الكرم ، والقطعة التي منها البيت جيّدة ؛
(٢) الضالّين ، كلمة واحدة حقيقة ، واضربانّ بسبب الامتزاج في حكم كلمة واحدة ؛