وأمّا حذف النون التي هي علامة الرفع في الأمثلة الخمسة فلأنّ الفعل صار مبنيا عند الجمهور ، وعند غيرهم لاجتماع النونات ؛
قوله : «ولا تدخلهما الخفيفة» ، أي لا تدخل الخفيفة المثنى ، وجمع المؤنث ، لأنه يلزم التقاء الساكنين على غير حدّه (١) ، وأمّا مع المثقلة فلأن النون المذغمة ، وإن كانت ساكنة ، فهي كالمتحركة ، لأنه يرتفع اللسان بها ، وبالمتحركة ارتفاعه واحدة ، فهما كحرف واحد متحرك ؛
ولا يجوز ، عند سيبويه (٢) ، أيضا ، إلحاقها في نحو : اضرباني ، بنون الوقاية واضربان ، نعمان ، وإن كان يزول التقاء الساكنين الممنوع بالإدغام في نون الوقاية ونون نعمان ، لأن النونين المدغم فيهما ليستا بلازمتين ؛
وأمّا يونس والكوفيون ، فجوّزوا إلحاق الخفيفة بالمثنى وجمع المؤنث ، فبعد ذلك ، إمّا أن تبقى النون عندهم ساكنة ، وهو المروي عن يونس ، لأن الألف قبلها ، كالحركة لما فيها من المدّة ، كقراءة نافع (٣) : (وَمَحْيايَ)(٤) أو قراءة أبي عمرو (٥) : (وَاللَّائِي)(٦) وقولهم : التقت حلقتا البطان (٧) ؛ ولا شك أن كل واحد (٨) في مقام الشذوذ (٩) ، فلا يجوز القياس عليه ؛
__________________
(١) حده هو أن يكون الساكنان في كلمة واحدة وأولهما مدة ؛
(٢) كل ما يتصل بنوني التوكيد في سيبويه ج ٢ ص ١٤٩ وما بعدها وفيه كثير مما أورده الرضي هنا بلفظه ؛
(٣) نافع أحد القراء السبعة وهو من قراء المدينة ، وتقدم له ذكر في هذا الشرح ؛
(٤) من الآية ٦٢ في سورة الأنعام ؛
(٥) أبو عمرو بن العلاء ، أحد القراء السبعة وإمام من أئمة النحو ، وتقدم ذكره ؛
(٦) من الآية ٤ سورة الطلاق ؛
(٧) كناية عن ضيق الأمر واشتداده ، وورد مثله في شعر أوس بن حجر ، وهو قوله :
وازدحمت حلقتا البطان بأقوا |
|
م وجاشت نفوسهم جزعا |
(٨) أي كل واحد مما أورده من الأمثلة ؛
(٩) الشارح الرضي لا يتحرج من نقد القراءات حيث يعتبر هنا أن كل ما تقدم من قبيل الشذوذ ، وفيه بعض ـ