لأصالتها في الاعراب ، الحركات الثلاث ، ونقصوا الفعل ، لفرعيته على الأسماء في الاعراب : ما لا يكون (١) من عمله ، وهو الجر ، فلمّا نقص الجرّ ، لم يحرك بشيء بدل الجرّ ، فبقي مجزوما ، أي ساكنا ؛
ولو لا كراهة الخروج من إجماع النحاة ، لحسن ادّعاء كون المضارع المسمّى مجزوما :
مبنيا (٢) على السكون ، لأن عمل ما سمّي جازما ، لم يظهر فيه ، لا لفظا ولا تقديرا ، وذلك لأن أصل كل كلمة ، اسما كانت أو فعلا أو حرفا : أن تكون ساكنة الآخر ، ومن ثمّ لا تطلب العلة للبناء على السكون.
وإنما سمّي العامل عاملا ، لكونه غيّر آخر الكلمة عمّا هو أصله ، إلى حالة أخرى ، لفظا أو تقديرا ؛
ثم نقول (٣) : إن نحو : لم يغز ولم يخش ، ولم يرم : مبني ، كاغز ، واخش وارم ، وإنما حذف الآخر ليكون فرقا بين المعرب المقدر إعرابه ، وبين المبني ، وذلك لأنك تحذف في الفعل محلّ الإعراب ، إذا كان حرفا يوهم سكونه أنه لاستثقال الحركة عليه لا للبناء ، أي حرف العلة ، ليكون تنبيها على أنه : كما ليس الإعراب فيه بظاهر. ليس بمقدر (٤) ؛ أيضا ، لزوال محل الإعراب أي الحرف الأخير بلا علة ، بخلاف : يا شجي ، و : لا فتى ، فإنك أبقيت حرف الإعراب ليكون الإعراب مقدرا فيه.
فإن قيل : لا نسلم أن العامل إنما يكون عاملا ، لتغيير آخر الكلمة عما هو أصله ، بل إنما يكون عاملا لتغييره عن حالة إلى أخرى ، سواء كانت الحالة الأولى أصلا لآخر الكلمة أي السكون ، أو حالة إعرابية أخرى حاصلة لها قبل دخول العامل ، فنحن إنما سمّينا الجازم عاملا : لنقله آخر المضارع من الرفع الذي هو معمول وقوعه موقع الاسم ،
__________________
(١) مفعول به لقوله : تقصوا الفعل .. الخ.
(٢) تمهيد لما سيأتي من ادعاء أن المضارع المعتل الآخر مبني.
(٣) هذا بيان لما ارتضاه من أن الفعل المضارع المعتل الآخر مبني في حالة الجزم.
(٤) تقدير الكلام : تنبيها على أنه ليس بمقدر ، كما أنه ليس بظاهر.