والمبرد إعمالها عمل ليس ، وقرأ سعيد بن جبير (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) بنون مخففة مكسورة لالتقاء الساكنين ، ونصب عبادا وأمثالكم ، وسمع من أهل العالية «إن أحد خيرا من أحد إلّا بالعافية» و «إن ذلك نافعك ولا ضارّك» ومما يتخرج على الإهمال الذى هو لغة الأكثرين قول بعضهم : «إنّ قائم» وأصله إن أنا قائم ؛ فحذفت همزة أنا اعتباطا ، وأدغمت نون إن فى نونها ، وحذفت ألفها فى الوصل ، وسمع «إنّ قائما» على الإعمال ، وقول بعضهم نقلت حركة الهمزة إلى النون ثم أسقطت على القياس فى التخفيف بالنقل ثم سكنت النون وأدغمت مردود ؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت ، ولهذا تقول «هذا قاض» بالكسر لا بالرفع ؛ لأن حذف الياء لالتقاء الساكنين ؛ فهى مقدّرة الثبوت ، وحينئذ فيمتنع الإدغام ؛ لأن الهمزة فاصلة فى التقدير ، ومثل هذا البحث فى قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي).
الثالث : أن تكون مخففة من الثقيلة ، فتدخل على الجملتين : فإن دخلت على الأسمية جاز إعمالها خلافا للكوفيين ، لنا قراءة الحرميين وأبى بكر (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) وحكاية سيبويه «إن عمرا لمنطلق» ويكثر إهمالها ، نحو (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) وقراءة حفص (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) وكذا قرأ ابن كثير إلا أنه شدد نون هذان ، ومن ذلك (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) فى قراءة من خفف لما وإن دخلت على الفعل أهملت وجوبا ، والأكثر كون الفعل ماضيا ناسخا ، نحو (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) ودونه أن يكون مضارعا ناسخا ، نحو (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ) (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) ويقاس على النوعين اتفاقا ، ودون هذا أن يكون ماضيا غير ناسخ ، نحو قوله :
١٢ ـ شلّت يمينك إن قتلت لمسلما |
|
جلّت عليك عقوبة المتعمّد |