الفصل الأول
فى خروجها عن الظّرفية
زعم أبو الحسن فى (حَتَّى إِذا جاؤُها) أن إذا جرّ بحتى ، وزعم أبو الفتح فى (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) الآية فيمن نصب (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) أن إذا الأولى مبتدأ ، والثانية خبر ، والمنصوبين حالان ، وكذا جملة (لَيْسَ) ومعموليها ، والمعنى وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رجّ الأرض ، وقال قوم فى «أخطب ما يكون الأمير قائما» : إن الأصل أخطب أوقات أكوان الأمير إذا كان قائما ، أى وقت قيامه ، ثم حذفت الأوقات ونابت ما المصدرية عنها ، ثم حذف الخبر المرفوع ، وهو إذا ، وتبعها كان التامة وفاعلها فى الحذف ، ثم نابت الحال عن الخبر ، ولو كانت «إذا» على هذا التقدير فى موضع نصب لاستحال المعنى كما يستحيل إذا قلت «أخطب أوقات أكوان الأمير يوم الجمعة» إذا نصبت اليوم ، لأن الزمان لا يكون محلا للزمان.
وقالوا فى قول الحماسىّ :
١٣٣ ـ وبعد غد يالهف قلبى من غد |
|
إذا راح أصحابى ولست برائح |
إن إذا فى موضع جر بدلا من غد.
وزعم ابن مالك أنها وقعت مفعولا فى قوله عليه الصلاة والسّلام لعائشة رضى الله عنها : «إنّى لأعلم إذا كنت عنّى راضية وإذا كنت علىّ غضبى».
والجمهور على أن «إذا» لا تخرج عن الظرفية ، وأن حتى فى نحو (حَتَّى إِذا جاؤُها) حرف ابتداء دخل على الجملة بأسرها ، ولا عمل له ، وأما (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) فإذا الثانية بدل من الأولى ، والأولى ظرف ، وجوابها محذوف لفهم المعنى ، وحسّنه طول الكلام ، وتقديره بعد إذا الثانية ، أى انقسمتم أقساما (١) ،
__________________
(١) فى نسخة «انقسمتم انقساما» وما أثبتناه أدق.