٤٠٦ ـ فلا الجارة الدّنيا بها تلحينّها |
|
[ولا الضّيف عنها إن أناح محوّل] |
بل هو فى الآية أسهل ؛ لعدم الفصل ، وهو فيهما سماعى ، والذى جوزه تشبيه لا النافية بلا الناهية ، وعلى هذا الوجه تكون الإصابة عامة للظالم وغيره ، لا خاصة بالظالمين كما ذكره للزمخشرى ؛ لأنها قد وصفت بأنها لا تصيب الظالمين خاصة ، فكيف تكون مع هذا خاصة بهم؟ والثانى أن الفعل جواب الأمر ، وعلى هذا فيكون التوكيد أيضا خارجا عن القياس شاذا ، وممن ذكر هذا الوجه الزمخشرى ، وهو فاسد ؛ لأن المعنى حينئذ فإنكم إن تتقوها لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصة ، وقوله إن التقدير إن أصابتكم لا تصيب الظالم خاصة مردود ؛ لأن الشرط إنما يقدر من جنس الأمر ، لا من جنس الجواب ، ألا ترى أنك تقدر فى «ائتنى أكرمك» إن تأتنى أكرمك ، نعم يصح الجواب فى قوله (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) الآية ؛ إذ يصح : إن تدخلوا لا يحطمنكم ، ويصح أيضا النهى على حد «لا أرينّك ههنا» وأما الوصف فيأتى مكانه هنا أن تكون الجملة حالا ، أى ادخلوها غير محطومين ، والتوكيد بالنون على هذا الوجه وعلى الوجه الأول سماعى ، وعلى النهى قياسى.
ولا فرق فى اقتضاء لا الطلبية للجزم بين كونها مفيدة للنهى سواء كان للتحريم كما تقدم ، أو للتنزيه نحو (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) وكونها للدعاء كقوله تعالى (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا) وقول الشاعر :
٤٠٧ ـ يقولون لا تبعدوهم يدفنوننى |
|
وأين مكان البعد إلّا مكانيا؟ |
وقول الآخر :
٤٠٨ ـ فلا تشلل يد فتكت بعمرو |
|
فإنّك لن تذلّ ولن تضاما |
ويحتمل النهى والدعاء قول الفرزدق :
٤٠٩ ـ إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد |
|
لها أبدا ما دام فيها الجراضم |
أى العظيم البطن ، وكونها للالتماس كقولك لنظيرك غير مستعل عليه