وألا على هذا للتنبيه ، وقال يونس : ألا للتمنى ، ونوّن اسم «لا» للضرورة ، وقول الخليل أولى ؛ لأنه لا ضرورة فى إضمار الفعل ، بخلاف التنوين ، وإضمار الخليل أولى من إضمار غيره ؛ لأنه لم يرد أن يدعو لرجل على هذه الصفة ، وإنما قصده طلبه ، وأما قول ابن الحاجب فى تضعيف هذا القول «إنّ يدلّ صفة لرجل فيلزم الفصل بينهما بالجملة المفسرة وهى أجنبية» فمردود بقوله تعالى (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) ثم الفصل بالجملة لازم وإن لم تقدر مفسرة ، إذ لا تكون صفة ؛ لأنها إنشائية.
(إلّا) ـ بالكسر والتشديد ـ على أربعة أوجه :
أحدها : أن تكون للاستثناء ، نحو (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً) وانتصاب ما بعدها فى هذه الآية ونحوها بها على الصحيح ، ونحو (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) وارتفاع ما بعدها فى هذه الآية ونحوها على أنه بدل بعض من كل عند البصريين ويبعده أنه لا ضمير معه فى نحو «ما جاءنى أحد إلا زيد» كما فى [نحو] «أكلت الرغيف ثلثه» وأنه مخالف للمبدل منه فى النفى والإيجاب ، وعلى أنه معطوف على المستثنى منه و «إلّا» حرف عطف عند الكوفيين ، وهى عندهم بمنزلة «لا» العاطفة فى أن ما بعدها مخالف لما قبلها ، لكن ذاك منفى بعد إيجاب ، وهذا موجب بعد نفى ، وردّ بقولهم «ما قام إلّا زيد» وليس شىء من أحرف العطف يلى العامل ، وقد يجاب بأنه ليس تاليها فى التقدير ؛ إذ الأصل «ما قام أحد إلا زيد».
الثانى : أن تكون بمنزلة غير فيوصف بها وبتاليها ، جمع منكر أو شبهه.
فمثال الجمع المنكر (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) فلا يجوز فى إلا هذه أن تكون للاستثناء ، من جهة المعنى ، إذ التقدير حينئذ لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضى بمفهومه أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا ، وليس ذلك المراد ، ولا من جهة اللفظ ، لأن آلهة جمع منكر فى الإثبات فلا عموم له