انفرد به ، ولا يعرف القول بذلك إلا فى إنما بالكسر» مردود بما ذكرت وقوله «إن دعوى الحصر هنا باطلة لاقتضائها أنه لم يوح إليه غير التوحيد» مردود أيضا بأنه حصر مقيد (١) ، إذ الخطاب مع المشركين ، فالمعنى ما أوحى إلىّ فى أمر الربوبية إلا التوحيد ، لا الإشراك ، ويسمى ذلك قصر قلب ، لقلب اعتقاد المخاطب ، وإلا فما الذى يقول هو فى نحو (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)؟ فإنّ ما للنفى وإلا للحصر قطعا ، وليست صفته عليه الصلاة والسّلام منحصرة فى الرسالة ، ولكن لما استعظموا موته جعلوا كأنهم أثبتوا له البقاء الدائم ، فجاء الحصر باعتبار ذلك ، ويسمى قصر إفراد.
والأصح أيضا أنها موصول حرفى مؤول مع معموليه بالمصدر ، فإن كان الخبر مشتقا فالمصدر المؤول به من لفظه ، فتقدير «بلغنى أنك تنطلق» أو «أنك منطلق» بلغنى الانطلاق ، ومنه «بلغنى أنك فى الدار» التقدير استقرارك فى الدار ، لأن الخبر فى الحقيقة هو المحذوف من استقر أو مستقر ، وإن كان جامدا قدّر بالكون نحو «بلغنى أن هذا زيد» تقديره بلغنى كونه زيدا ، لأن كل خبر جامد يصح نسبته إلى المخبر عنه بلفظ الكون ، تقول «هذا زيد» وإن شئت «هذا كائن زيدا» إذ معناهما واحد ، وزعم السهيلى أن الذى يؤوّل بالمصدر إنما هو أن الناصبة للفعل لأنها أبدا مع الفعل المتصرف ، وأنّ المشددة إنما تؤول بالحديث ، قال : وهو قول سيبويه ، ويؤيده أن خبرها قد يكون اسما محضا نحو «علمت أن الليث الأسد» وهذا لا يشعر بالمصدر ، انتهى. وقد مضى أن هذا يقدر بالكون.
وتخفّف أنّ بالاتفاق ، فيبقى عملها على الوجه الذى تقدم [شرحه] فى أن الخفيفة (٢).
الثانى : أن تكون لغة فى لعلّ كقول بعضهم «ائت السّوق أنّك تشترى لنا شيئا» وقراءة من قرأ (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) وفيها بحث سيأتى فى باب اللام.
__________________
(١) يريد أنه قصر إضافى.
(٢) انظر ص ٣٠ السابقة