قليلا ، وفى نحو (إِذِ انْتَبَذَتْ) ظرف لمضاف إلى مفعول محذوف ، أى : واذكر قصة مريم ، ويؤيد هذا القول التصريح بالمفعول فى (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً).
ومن الغريب أن الزمخشرى قال فى قراءة بعضهم (لمن من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا) : إنه يجوز أن يكون التقدير منّه إذ بعث ، وأن تكون إذ فى محل رفع كإذا فى قولك : أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما ، أى لمن منّ الله على المؤمنين وقت بعثه ، انتهى ؛ فمقتضى هذا الوجه أن إذ مبتدأ ، ولا نعلم بذلك قائلا ، ثم تنظيره بالمثال غير مناسب ؛ لأن الكلام فى إذ لا فى إذا ، وكان حقه أن يقول إذ كان ؛ لأنهم يقدرون فى هذا المثال ونحوه إذ تارة وإذا أخرى ، بحسب المعنى المراد ، ثم ظاهره أن المثال يتكلم [به] هكذا ، والمشهور أن حذف الخبر فى ذلك واجب ، وكذلك المشهور أن إذا المقدرة فى المثال فى موضع نصب ، ولكن جوّز عبد القاهر كونها فى موضع رفع ، تمسكا بقول بعضهم : أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة ، بالرفع ؛ فقاس الزمخشرى إذ على إذا ، والمبتدأ على الخبر.
والوجه الثانى : أن تكون اسما للزمن المستقبل ، نحو (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) والجمهور لا يثبتون هذا القسم ، ويجعلون الآية من باب (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) أعنى من تنزيل المستقبل الواجب الوقوع منزلة ما قد وقع ، وقد يحتج لغيرهم بقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) فإنّ (يَعْلَمُونَ) مستقبل لفظا ومعنى ؛ لدخول حرف التنفيس عليه ، وقد أعمل فى إذ ؛ فيلزم أن يكون بمنزلة إذا.
والثالث : أن تكون للتعليل ، نحو (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) أى : ولن ينفعكم اليوم اشتراككم فى العذاب ؛ لأجل