قلت : ليس قوله «لا» جوابا لسؤالها ، بل رد لما توهمته من وقوع أحد الأمرين : كونه ذا زوجة ، وكونه ذا خصومة ، ولهذا لم يكتف بقوله «لا» ، إذ كان ردّ ما لم تلفظ به إنما يكون بالكلام التامّ ، فلهذا قال : «إن أهلى جيرة ـ البيت» و «وما كنت مذ أبصرتنى ـ البيت».
مسألة ـ إذا عطفت بعد الهمزة بأو ، فإن كانت همزة التسوية لم تجز قياسا ، وقد أولع الفقهاء وغيرهم بأن يقولوا «سواء كان كذا أو كذا» وهو نظير قولهم «يجب أقلّ الأمرين من كذا أو كذا» والصواب العطف فى الأول بأم ، وفى الثانى بالواو ، وفى الصحاح «تقول : سواء علىّ قمت أو قعدت» انتهى. ولم يذكر غير ذلك ، وهو سهو ، وفى كامل الهذلى أن ابن محيصن قرأ من طريق الزعفرانى (سواء عليهم أنذرتهم أولم تنذرهم) وهذا من الشذوذ بمكان ، وإن كانت همزة الاستفهام جاز قياسا ، وكان الجواب بنعم أو بلا ، وذلك أنه إذا قيل «أزيد عندك أو عمرو» فالمعنى أأحدهما عندك أم لا ، فإن أجبت بالتعيين صح ، لأنه جواب وزيادة ، ويقال «ألحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفيّة؟» فتعطف الأول بأو ، والثانى بأم ، ويجاب عندنا بقولك : أحدهما ، وعند الكيسانية بابن الحنفيّة ، ولا يجوز أن تجيب بقولك الحسن أو بقولك الحسين ، لأنه لم يسأل عن الأفضل من الحسن وابن الحنفية ولا من الحسين وابن الحنفيّة ، وإنما جعل واحدا منهما لا بعينه قرينا لابن الحنفية ، فكأنه قال : «أأحدهما أفضل أم ابن الحنفية؟».
مسألة ـ سمع حذف أم المتصلة ومعطوفها كقول الهذلى :
دعانى إليها القلب إنّى لأمره |
|
سميع ، فما أدرى أرشد طلابها [ه] |
تقديره أم غى ، كذا قالوا ، وفيه بحث كما مر (١) ، وأجاز بعضهم حذف معطوفها بدونها ، فقال في قوله تعالى : (أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ) : إنّ الوقف هنا ، وإن التقدير : أم تبصرون ، ثم يبتدأ (أَنَا خَيْرٌ) وهذا باطل ، إذ لم يسمع حذف معطوف
__________________
(١) انظر ص ١٤