ما شاء الله ، وبالبعث ، وعن العجلة بالقرآن ، تعسّف ؛ إذ لم يتقدم فى الأولين حكاية نفى ذلك عن أحد ، ولطول الفصل فى الثالثة بين كلّا وذكر العجلة ، وأيضا فإن أول ما نزل خمس آيات من أول سورة العلق ثم نزل (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) فجاءت فى افتتاح الكلام ، والوارد منها فى التنزيل ثلاثة وثلاثون موضعا كلّها فى النصف الأخير.
ورأى الكسائى وأبو حاتم ومن وافقهما أنّ معنى الرّدع والزّجر ليس مستمرا فيها ، فزادوا فيها معنى ثانيا يصح عليه أن يوقف دونها ويبتدأ بها ، ثم اختلفوا فى تعيين ذلك المعنى على ثلاثة أقوال ، أحدها للكسائى ومتابعيه ، قالوا : تكون بمعنى حقّا ، والثانى لأبى حاتم ومتابعيه ، قالوا : تكون بمعنى ألا الاستفتاحية ، والثالث للنّضر بن شميل والفراء ومن وافقهما ، قالوا : تكون حرف جواب بمنزلة إى ونعم ، وحملوا عليه (كَلَّا وَالْقَمَرِ) فقالوا : معناه إى والقمر.
وقول أبى حاتم عندى أولى من قولهما ؛ لأنه أكثر اطرادا ؛ فإنّ قول النّضر لا يتأتى فى آيتى المؤمنين والشعراء على ما سيأتى ، وقول الكسائى لا يتأتى فى نحو (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ) ، (كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ) ، (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) لأن أنّ تكسر بعد ألا الاستفتاحية ، ولا تكسر بعد حقا ولا بعد ما كان بمعناها ، ولأن تفسير حرف بحرف أولى من تفسير حرف باسم ، وأما قول مكى إن كلّا على رأى الكسائى اسم إذا كانت بمعنى حقا فبعيد ؛ لأن اشتراك اللفظ بين الاسمية والحرفية قليل ، ومخالف للأصل ، ومحوج لتكلف دعوى علة لبنائها ، وإلا فلم لا نوّنت؟
وإذا صلح الموضع للردع ولغيره جاز الوقف عليها والابتداء بها على اختلاف التقديرين ، والأرجح حملها على الردع لأنه الغالب فيها ، وذلك نحو (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ