وفى ربّ ست عشرة لغة : ضم الراء ، وفتحها ، وكلاهما مع التشديد والتخفيف ، والأوجه الأربعة مع تاء التأنيث ساكنة أو محركة ومع التجرد منها : فهذه اثنتا عشرة ، والضم والفتح مع إسكان الباء ، وضم الحرفين مع التشديد ومع التخفيف.
حرف السين المهملة
السين المفردة : حرف يختصّ بالمضارع ، ويخلّصه للاستقبال ، وينزل منه منزلة الجزء ؛ ولهذا لم يعمل فيه مع اختصاصه به ، وليس مقتطعا من «سوف» خلافا للكوفيين ، ولا مدّة الاستقبال معه أضيق منها مع سوف خلافا للبصريين ، ومعنى قول المعربين فيها «حرف تنفيس» حرف توسيع ، وذلك أنها نقلت (١) المضارع من الزمن الضيق ـ وهو الحال ـ إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال ، وأوضح من عبارتهم قول الزمخشرى وغيره «حرف استقبال» وزعم بعضهم أنها قد تأتى للاستمرار لا للاستقبال ، ذكر ذلك فى قوله تعالى : (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ) الآية ، واستدلّ عليه بقوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ) مدعيا أن ذلك إنما نزل بعد قولهم (ما وَلَّاهُمْ) قال : فجاءت السين إعلاما بالاستمرار لا بالاستقبال ، انتهى. وهذا الذى قاله لا يعرفه النحويّون ، وما استند إليه من أنها نزلت بعد قولهم (ما وَلَّاهُمْ) غير موافق عليه ، قال الزمخشرى : فإن قلت : أى فائدة فى الإخبار بقولهم قبل وقوعه؟ قلت : فائدته أن المفاجأة للمكروه أشدّ ، والعلم به قبل وقوعه أبعد عن الاضطراب إذا وقع ، انتهى. ثم لو سلّم فالاستمرار إنما استفيد من المضارع ، كما تقول «فلان يقرى الضيف ويصنع الجميل» تريد أن ذلك دأبه ، والسين مفيدة للاستقبال ؛ إذ الاستمرار إنما يكون فى المستقبل ، وزعم الزمخشرى أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أفادت أنه واقع لا محالة ، ولم أر من فهم وجه ذلك ، ووجهه أنها تفيد الوعد
__________________
(١) فى عدة نسخ «تقلب»