(لن) : حرف نصب ونفى واستقبال ، وليس أصله وأصل لم لا فأبدلت الألف نونا فى لن وميما فى لم خلافا للفراء ؛ لأن المعروف إنما هو إبدال النون ألفا لا العكس نحو (لَنَسْفَعاً) و(لَيَكُوناً) ولا أصل لن «لا أن» فحذفت الهمزة تخفيفا والألف للساكين خلافا للخليل والكسائى ، بدليل جواز تقديم معمول معمولها عليها نحو «زيدا لن أضرب» خلافا للأخفش الصغير ، وامتناع نحو «زيدا يعجبنى أن تضرب» خلافا للفراء ، ولأن الموصول وصلته مفرد ، ولن أفعل كلام تام ، وقول المبرد إنه مبتدأ حذف خبره أى لا الفعل واقع مردود بأنه لم ينطق به مع أنه لم يسد شىء مسدّه ، بخلاف نحو «لو لا زيد لأكرمتك» وبأن الكلام تام بدون المقدر ، وبأنّ لا الداخلة على الجملة الاسمية واجبة التكرار إذا لم تعمل ، ولا التفات له فى دعوى عدم وجوب ذلك ؛ فإن الاستقراء يشهد بذلك.
ولا تفيد لن توكيد النفى خلافا للزمخشرى فى كشافه ، ولا تأبيده خلافا له فى أنموذجه ، وكلاهما دعوى بلا دليل ، قيل : ولو كانت للتأييد لم يقيد منفيها باليوم فى (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) ولكان ذكر الأبد فى (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) تكرارا ، والأصل عدمه.
وتأتى للدعاء كما أتت لا لذلك وفاقا لجماعة منهم ابن عصفور ، والحجة فى قوله :
٤٦٣ ـ لن تزالوا كذلكم |
|
ثمّ لازلت لكم خالدا خلود الجبال |
وأما قوله تعالى (قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) فقيل : ليس منه ؛ لأن فعل الدعاء لا يسند إلى المتكلم ، بل إلى المخاطب أو الغائب ، نحو «يا ربّ لا عذّبت فلانا» ونحو «لا عذّب الله عمرا» اه ويرده قوله :
*ثم لا زلت لكم خالدا خلود الجبال* [٤٦٣]
وتلقّى القسم بها وبلم نادر حدا ، كقول أبى طالب :