والصحيح أنها اسم مرداف للبراءة [من كذا] ؛ بدليل قراءة بعضهم (حاشا لله) بالتنوين ، كما يقال «براءة لله من كذا» وعلى هذا فقراءة ابن مسعود رضى الله عنه (حاش الله) كمعاذ الله ليس جارا ومجرورا كما وهم ابن عطية ، لأنها إنما تجر فى الاستثناء ، ولتنوينها فى القراءة الأخرى ، ولدخولها على اللام فى قراءة السبعة ، والجار لا يدخل على الجار ، وإنما ترك التنوين فى قراءتهم لبناء حاشا لشبهها بحاشا الحرفية ، وزعم بعضهم أنها اسم فعل ماض بمعنى أتبرّأ(١) ، أو برئت ، وحامله على ذلك بناؤها ، ويرده إعرابها فى بعض اللغات.
الثالث : أن تكون للاستثناء ؛ فذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أنها حرف دائما بمنزلة إلا ، لكنها تجرّ المستثنى ، وذهب الجرمىّ والمازنى والمبرد والزجاج والأخفش وأبو زيد والفراء وأبو عمرو الشيبانى إلى أنها تستعمل كثيرا حرفا جارا وقليلا فعلا متعديا جامدا لتضمنه معنى إلّا ، وسمع «اللهمّ اغفر لى ولمن يسمع حاشا الشّيطان وأبا الأصبغ» وقال :
١٨٥ ـ حاشا أبا ثوبان ؛ إنّ به |
|
ضنّا على الملحاة والشّتم |
ويروى أيضا «حاشا أبى» بالياء ، ويحتمل أن تكون رواية الألف على لغة من قال :
إنّ أباها وأبا أباها |
|
[قد بلغا فى المجد غايتاها] [٥١] |
وفاعل حاشا ضمير مستتر عائد على مصدر الفعل المتقدم عليها ، أو اسم فاعله ، أو البعض المفهوم من الاسم العام ، فإذا قيل «قام القوم حاشا زيدا» فالمعنى جانب هو ـ أى قيامهم ، أو القائم منهم ، أو بعضهم ـ زيدا.
(حتى) حرف يأتى لأحد ثلاثة معان : انتهاء الغاية ، وهو الغالب ، والتعليل ، وبمعنى إلّا فى الاستثناء ، وهذا أقلها ، وقلّ من يذكره.
__________________
(١) لعل الصواب «بمعنى تبرأت».