بدون عاطفه (١) ، وإنما المعطوف جملة (أَنَا خَيْرٌ) ووجه المعادلة بينها وبين الجملة قبلها أن الأصل : أم تبصرون ، ثم أقيمت الأسمية مقام الفعلية والسبب مقام المسبب ، لأنهم إذا قالوا له أنت خير كانوا عند بصراء ، وهذا معنى كلام سيبويه.
فإن قلت : فإنهم يقولون : أتفعل هذا أم لا ، والأصل أم لا تفعل.
قلت : إنما وقع الحذف بعد لا ، ولم يقع بعد العاطف ، وأحرف الجواب تحذف الجمل بعدها كثيرا ، وتقوم هى فى اللفظ مقام تلك الجمل ، فكأن الجملة هنا مذكورة ، لوجود ما يغنى عنها.
وأجاز الزمخشرى وحده حذف ما عطفت عليه أم ، فقال فى (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) يجوز كون أم متصلة على أن الخطاب لليهود ، وحذف معادلها ، أى أتدّعون على الأنبياء اليهودية أم كنتم شهداء؟ وجوّز ذلك الواحدىّ أيضا ، وقدر : أبلغكم ما تنسبون إلى يعقوب من إيصائه بنيه باليهودية أم كنتم شهداء ، انتهى.
الوجه الثانى : أن تكون منقطعة ، وهى ثلاثة أنواع : مسبوقة بالخبر المحض ، نحو (تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) ومسبوقة بهمزة لغير استفهام ، نحو (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها) إذ الهمزة فى ذلك للإنكار ، فهى بمنزلة النفى ، والمتصلة لا تقع بعده ، ومسبوقة باستفهام بغير الهمزة ، نحو (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ [أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ])
ومعنى أم المنقطعة الذى لا يفارقها الإضراب ، ثم تارة تكون له مجردا ، وتارة تتضمن مع ذلك استفهاما إنكاريا ، أو استفهاما طلبيا.
فمن الأول (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) أما الأولى فلأن الاستفهام لا يدخل على الاستفهام ،
__________________
(١) فى نسخة «إذ لم يسمع حذف معطوفها» وهى أحسن.