وأما الثانية فلأنّ المعنى على الإخبار عنهم باعتقاد الشركاء ، قال الفراء : يقولون «هل لك قبلنا حقّ أم أنت رجل ظالم» يريدون بل أنت.
ومن الثانى (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) تقديره : بل أله البنات ولكم البنون ؛ إذ لو قدرت للاضراب المحض لزم المحال.
ومن الثالث قولهم «إنّها لإبل أم شاء» التقدير : بل أهى شاء.
وزعم أبو عبيدة أنها قد تأتى بمعنى الاستفهام المجرد ، فقال فى قول الأخطل :
٥٦ ـ كذبتك عينك أم رأيت بواسط |
|
غلس الظّلام من الرّباب خيالا |
إن المعنى هل رأيت.
ونقل ابن الشّجرى عن جميع البصريين أنها أبدا بمعنى بل والهمزة جميعا ، وأن الكوفيين خالفوهم فى ذلك ، والذى يظهر لى قولهم ؛ إذ المعنى فى نحو (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) ليس على الاستفهام ، ولأنه يلزم البصريين دعوى التوكيد فى نحو (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ) ونحو (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) وقوله :
٥٧ ـ أنّى جزوا عامرا سوأ بفعلهم |
|
أم كيف يجزوننى السّوأى من الحسن؟ |
أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به |
|
رئمان أنف إذا ماضنّ باللّبن؟ |
العلوق ـ بفتح العين المهملة ـ الناقة التى علق قلبها بولدها ، وذلك أنه ينحر ثم يحشى جلده تبنا ويجعل بين يديها لتشمه فتدرّ عليه ؛ فهى نسكن إليه مرة ، وتنفر عنه أخرى.