أحدها : أن تكون حرفا ناصبا للمستثنى بمنزلة إلا نحو «أتونى ليس زيدا» والصحيح أنها الناسخة ، وأن اسمها ضمير راجع للبعض المفهوم مما تقدم ، واستتاره واجب ؛ فلا يليها فى اللفظ إلا المنصوب ، وهذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه للنحو (١) ، وذلك أنه جاء إلى حمّاد بن سلمة لكتابة الحديث ، فاستملى منه قوله صلىاللهعليهوسلم «ليس من أصحابى أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدّوداء» فقال سيبويه : ليس أبو الدرداء ، فصاح به حماد : لحنت يا سيبويه ، إنما هذا استثناء ، فقال سيبويه : والله لأطلبنّ علما لا يلحننى معه أحد ، ثم مضى ولزم الخليل وغيره.
والثانى : أن يقترن الخبر بعدها بإلّا نحو «ليس الطّيب إلا المسك» بالرفع ، فإن بنى تميم يرفعونه حملا لها على ما فى الإهمال عند انتقاض النفى ، كما حمل أهل الحجاز ما على ليس فى الإعمال عند استيفاء شروطها ، حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء ، فبلغ ذلك عيسى بن عمر الثقفى ، فجاءه فقال [له] : يا أبا عمرو ما شىء بلغنى عنك؟ ثم ذكر ذلك له ، فقال له أبو عمرو : نمت وأدلج الناس ، ليس فى الأرض تميمىّ إلا وهو يرفع ، ولا حجازى إلا وهو ينصب ، ثم قال لليزيدى ولخلف الأحمر : اذهبا إلى أبى مهدى فلقناه الرفع فإنه لا يرفع ، وإلى المنتجع التميمى فلقناه النصب فإنه لا ينصب ، فأتياهما وجهدا بكل منهما أن يرجع عن لغته فلم يفعل ، فأخبرا أبا عمرو وعنده عيسى ، فقال له عيسى : بهذا فقت الناس.
وخرّج الفارسىّ ذلك على أوحه :
أحدها : أن فى «ليس» ضمير الشأن ، ولو كان كما زعم لدخلت إلا على أول الجملة الاسمية الواقعة خبرا فقيل : ليس إلا الطيب المسك ، كما قال :
__________________
(١) فى نسخة «سببا فى قراءة سيبويه النحو».