بدليل (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) وفى الحديث «فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة» وقال النابغة :
٥٢٦ ـ تخيّرن من أزمان يوم حليمة |
|
إلى اليوم ، قد جرّبن كلّ التّجارب |
وقيل : التقدير من مضىّ أزمان يوم حليمة ، ومن تأسيس أول يوم ، وردّه السهيلى بأنه لو قيل هكذا لاحتيج إلى تقدير الزمان.
الثانى : التبعيض ، نحو (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) وعلامتها إمكان سد بعض مسدها ، كقراءة ابن مسعود (حتى تنفقوا بعض ما تحبون)
الثالث : بيان الجنس ، وكثيرا ما تقع بعد ما ومهما ، وهما بها أولى ؛ لإفراط إبهامهما نحو (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ) وهى ومخفوضها فى ذلك فى موضع نصب على الحال ، ومن وقوعها بعد غيرهما (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) الشاهد فى غير الأولى فإن تلك للابتداء ، وقيل : زائدة ، ونحو (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ) وأنكر مجىء من لبيان الجنس قوم ، وقالوا : هى فى (مِنْ ذَهَبٍ) و(مِنْ سُنْدُسٍ) للتبعيض ، وفى (مِنَ الْأَوْثانِ) للابتداء ، والمعنى فاجتنبوا من الأوثان الرجس وهو عبادتها ، وهذا تكلف. وفى كتاب المصاحف لابن الأنبارى أن بعض الزنادقة تمسّك بقوله تعالى (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) فى الطعن على بعض الصحابة ، والحق أن من فيها للتبيين لا للتبعيض ، أى الذين آمنوا هم هؤلاء ومثله (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) وكلهم محسن ومتّق (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فالمقول فيهم ذلك كلهم كفار.