وأتبع فلان فلاناً إذا تبعه يريد به شرّاً ، كما أتبع الشيطانُ الذي انسلخ من آيات الله (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) ، وكما أتبع فرعون موسى. قال : وأما التَّتبُّع فأن يتتبَّع في مُهْلة شيئاً بعد شيء. وفلان يتتبَّع مساوىء فلان وأثَره ، ويتتبَّع مَدَاقّ الأمور ، ونحو ذلك. قال : والتَّبَع : ما تبع أثر شيء فهو تَبَعه.
وأنشد قول أبي دُوَاد الإياديّ في صفة ظَبْية :
وقوائم تَبَع لها |
من خَلْفها زَمَع معلَّقْ |
وقال غيره : يقال لجمع التابع : تَبَع ، كما يقال لجمع الحارس : حَرَس ولجمع الخادم : خَدَم. قال : والتابع : التالي.
وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) [الإسراء : ٦٩].
قال : التبيع في موضع تابع أي تابع بالثأر لإغراقنا إيّاهم. وقيل : معنى قوله : تَبِيعاً أي مطالباً. ومنه قول الله جلّ وعزّ : (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) [البَقَرة : ١٧٨] يقول : على صاحب الدم اتّباع بالمعروف أي المطالبة بالدِية ، وعلى القاتل أداء إليه بإحسان. ورفع قوله : (فَاتِّباعٌ) على معنى : فعليه اتباع بالمعروف. والآية مستقصى تفسيرها في المعتلّات من العين في باب عفا يعفو عند ذكر قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) [البَقَرَة : ١٧٨].
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «الظلم لَيُّ الواجِد ، وإذا أُتبِع أَحَدُكم على مَليء فليَتَّبِع» معناه : وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتَلْ ، من الحوالة.
وفي حديث مسروق عن مُعاذ بن جَبَل أن النبي صلىاللهعليهوسلم بعثه إلى اليمن ، فأمره في صَدَقة البَقَر أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تَبِيعاً ، ومن كل أربعين مُسِنّة.
أبو عُبيد عن أبي فَقْعَس الأسَديّ قال : ولد البقرة أوَّلَ سنة تَبِيع ثم جَذَع ثم ثنِيّ ثم رَباعٍ ثم سَدَس ثم صالغ.
وقال الليث : التَّبِيع : العِجْل المُدْرِك ، إلا أنه يتبع أُمَّه بَعْدُ. والعَدَد ثلاثة أَتبِعة ، والجميع الأتابيع جمع الجمع. وبقرة مُتْبع : خَلْفها تَبِيع. وخادم مُتْبع : يتبعها ولدها حيثما أقبلت وأدبرت.
قلت : قول الليث : التبيع : المدرك وَهَم ، لأنه يدرك إذا أثْنى أي صار ثنِيّاً ، والتبيع من البقر يسمّى تَبِيعاً حين يستكمل الحول ، ولا يسمّى تَبِيعاً قبل ذلك ، فإذا استكمل عامين فهو جَذَع ، فإذا استوفى ثلاثة أعوام فهو ثَنِيّ ، وحينئذٍ يُسِنّ ، والأنثى مُسِنّة ، وهي التي تؤخذ في أربعين من البقر. ويقال للأنثى : تَبِيعة وللذكر تَبيع.
وقال الليث : يقال للذي له عليك مال يتابعك به أي يطالبك به : تَبِيع. قال : وتابع فلان بين الصلاة وبين القراءة إذا وَالَى بينهما ، ففعل هذا على أثر هذا بلا مُهْلة بينهما. وكذلك رَمَيته فأصبتُه بثلاثة أسم تِباعاً أي وِلاءً. قال : والتَّبِعة والتِّبَاعة : اسم للشيء الذي لك فيه بغية