غُبار. فأمّا البطحاء الغليظة والرقيقة والكَثِيب الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد وإن خالطه تراب أو صعيد أو مَدَر يكون له غُبَار كأن الذي خالطه الصعيدَ. قال : ولا يَتيَمم بنُورة ولا كُحل ولا زِرْنيخ ، وكل هذا حجارة. وقال أبو إسحاق بن السرِيّ : الصعيد : وجه الأرض. قال : وعلى الإنسان أن يضرب بيديه وجه الأرض ، ولا يبالي أكان في الموضع تراب أو لم يكن ؛ لأن الصعيد ليس هو التراب ، إنما هو وجه الأرض ، تراباً كان أو غيره. قال : ولو أن أرضاً كانت كلها صخراً لا تراب عليه ثم ضرب المتيمِّمُ يده على ذلك الصخر لكان ذلك طَهُوراً إذا مَسَح به وجهه. قال الله جلّ وعزّ : (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) [الكهف : ٤٠] فأعلمك أن الصعيد يكون زَلَقاً.
والصُّعُدات : الطُرُق ، وسمّي صَعيداً لأنه نهاية ما يُصْعَد إليه من باطن الأرض لا أعلم بين أهل اللغة اختلافاً فيه أن الصعيد وجه الأرض. قلت : وهذا الذي قاله أبو إسحاق أحسبه مذهب مالك ومن قال بقوله ولا أستيقنه. فأمَّا الشافعيّ والكوفيّون فالصعيد عندهم التراب. وقال الليث : يقال للحديقة إذا خَرِبت وذهب شَجْراؤها : قد صارت صعيداً أي أرضاً مستوية لا شجر فيها. شَمِر عن ابن الأعرابيّ : الصعيد : الأرضُ بعينها ، وجمعها صُعُدات وصِعْدان. وقال أبو عُبَيد : الصُّعُدات : الطُرُق في قوله : «إياكم والقعود بالصُّعُدات». قال : وهي مأخوذة من الصَّعيد وهو التراب ، وجمعه صُعُد ثم صُعُدات مثلُ طريق وطُرُق وطُرُقات قال : وقال غيره : الصعيد : وجه الأرض البارزُ قلَّ أو كثر. تقول : عليك الصعيدَ أي اجلس على وجه الأرض.
وقال جرير :
إذا تَيْم ثوتْ بصعيد أرض |
بكت من خُبْث لؤمهم الصعيدُ |
وقال في أخرى :
والأطيبين من التراب صعيدا
سَلَمة عن الفرّاء ، قال : الصعيد : التراب ، والصعيد : الأرض ، والصعيد : الطريق يكون واسعاً وضيّقاً ، والصعيد : الموضع العريض الواسع. والصعيد : القبر. وقال الله جلّ وعزّ : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) [المدَّثِّر : ١٧] قال الليث وغيره : الصَّعُود : ضِدّ الهَبُوط ، وهي بمنزلة العَقَبة الكَئُود ، وجمعها الأصْعِدة. ويقال : لأُرهِقَنَّك صَعُوداً أي لأُجشِّمنَّك مشقة من الأمر. وإنما اشتقوا ذلك لأن الارتفاع في صَعود أشقّ من الانحدار في هَبُوط. قال في قوله : (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) يعني مشقَّة من العذاب. ويقال : بَل جبل في النار من جَمْرة واحدة يكلَّف الكافر ارتقاءه ويُضرب بالمَقَامع ، فكلّما وضَعَ عليه رجله ذابت إلى أسفل وركه ، ثم تعود مكانها صحيحةً. قال : ومنه اشتُقّ تصعَّدني ذلك الأمرُ أي شقَّ عليَّ. وقال أبو عُبَيد في قول عُمَر : ما تصعَّدتني خُطْبة ، ما تصعَّدتني خُطْبة النكاح : أي ما تكاءدتني وما بَلَغت منّي وما جَهَدتني. وأصله من الصَّعُود وهي العَقَبة