ويشبهه من أجل أن كل اسم متمكن يقع في هذا الموضع يضم فأشبه من أجل ذلك المرفوع (بقام) يعني الفاعل ؛ لأن كل اسم متمكن يلي (قام) فهو مرفوع فلهذا حسن أن تتبعه النعت فتقول : يا زيد الطويل كما تقول : قام زد الطويل يا زيد وعمرو فتعطف كما تعطف على المرفوع.
وينبغي أن تعلم : أن حق كل منادى النصب من قبل أن قولك : يا فلان ينوب عن قولك : أنادي فلانا ؛ لأن قولك : (يا) هو العمل بعينه وأنه فارق سائر الكلام ؛ لأن الكلام لفظ يغني عن العمل وهذا العمل فيه هو اللفظ.
فإن قلت : ناديت زيدا بعد قولك : يا زيد وهو مثل قولك : ضربت زيدا بعد علمك ذلك به فتأمل هذا فإنه منفرد به هذا الباب.
وأما السبب الذي أوجب بناء الاسم المفرد فوقوعه موقع غير المتمكن ألا ترى أنه قد وقع موقع المضمرة والمكنيات والأسماء إنما جعلت للغيبة لا تقول : قام زيد وأنت تحذف زيدا عن نفسه إنما تقول : قمت يا هذا فلما وقع زيد وما أشبهه بعد (يا) في النداء موقع أنت والكاف وأنتم وهذه مبنيات لمضارعتها الحروف بني وسنبين أمر المبنيات في مواضعها.
وبني على الحركة في النداء ؛ لأن أصله التمكن ففرق بينه وبين ما لا أصل له في التمكن فأما تحريكه بالضم دون غيره فإنهم شبهوه بالغايات نحو قبل وبعد إذ كانت تعرب بما يجب لها من الإعراب إذا أضفتها وهو النصب والخفض دون الرفع وتقول : جئت قبلك ومن قبلك فلما حذف منها الاسم المضاف إليه بني الباقي على الضم وهي الحركة التي لم تكن له قبل البناء فعلم أنها غير إعراب.
فقالوا : جئتك من قبل ومن بعد ومن عل يا هذا فكذلك هذا المنادى لما كان مضافه منصوبا ضم مفرده ألا ترى أنك تقول : يا عبد الله فتنصب ، فإن لم تضف قلت : يا عبد ويا غلام فضممت فكذلك التقدير في كل مفرد ، وإن كنت لم تفرد عن إضافة فهذا تقديره.
واعلم أن لك أن تصف زيدا وما أشبهه في النداء وتؤكده وتبدل منه وتعطف عليه بحرف العطف وعطف البيان.